أكد مدير غرفة تجارة دمشق الدكتور عامر خربوطلي لـ(الثورة) أن نسبة الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي تلعب دوراً حاسماً في تحديد معدلات النمو الاقتصادي، وبحســـب الفرضيات الاقتصاديــة للنمــو ومضاعفة الاســــتثمار فـــإن تحقيـق معــدل نمــو فــي حـــدود 8-10% سنوياً يحتاج إلى معدلات استثمارية لا تقل عن 34% من الناتج، وهو ما تحتاجه سورية اليوم أكثر من أي وقت مضى لمضاعفة معدلات النمو والاستثمار بعد الحرب الظالمة، مبيناً أن عملية تحفيز الاستثمار ينبغي أن لا تقتصر على رفع قيمة الاستثمار بشقيه الخاص والعام بل ينبغي أن تترافق بالتخصيص الأمثل للموارد وامتلاك القدرة على قياس العائد الاجتماعي للاستثمار الخاص والتوجيه نحو إقامة المشاريع الأكثر فائدة لمجمل الاقتصاد الوطني وعدم الاكتفاء بمؤشرات الربحية التجارية.
وأضاف أن العديد من الاقتصاديين ينظرون إلى رأس المال باعتباره أحد عوامل الإنتاج النادرة والأكثر تكلفة، فرأس المال هو المحدد لإقامة المشروع ومن ثم فإن كفاءة تخصيصه وإدارته يشكل العامل الحاسم في نجاح أهداف المشروع، موضحاً أن أي استثمار جديد عام أو خاص سوف تكون له جملة من النتائج المباشرة على مجمل الاقتصاد الوطني، ومن هنا تنبع أهمية أن يحقق هذا الاستثمار جميع معايير الجدوى المطلوبة وأن يعود بأقصى فائدة ممكنة.
وقال إنه كان ينظر للمشاريع العامة على أنها آلية لتحقيق أهداف اجتماعية فقط دون الاكتراث بأهداف الربحية التجارية مع ما ترافق ذلك من هدرٍ في الموارد وضعف في كفاءة الأداء وتراجع في الريعية الاقتصادية، مشيراً أنه كان يترك للاستثمار الخاص مجال تحديد ربحيته التجارية دون التدخل المباشر لقياس العائد الاجتماعي لهذا الاستثمار والآثار الاقتصادية والاجتماعية التي ستنجم عنه.
وبين أن الوقت حان لتحقيق المعادلة الصعبة الممكنة والمتمثلة في التخصيص الأمثل للموارد بحيث تتحقق أعلى درجات الربحية التجارية والاجتماعية للمشروع الخاص والعام، لافتاً أن دراسة الجدوى الجيدة التي يقوم بها المستثمر الخاص رغم أنها قد لا تضع ضمن أولوياتها تحقيق الأهداف الاجتماعية إلا أن مجرد ارتباطها باستراتيجية التنمية الاقتصادية والحاجات المستقبلية يعتبر بحد ذاته نوعاً من المساهمة في الأهداف الاقتصادية والاجتماعية عبر توجيه الموارد المستثمرة نحو تحقيق أقصى منفعة لمجمل الاقتصاد الوطني سواءً في تشغيل الأيدي العاملة أم زيادة حصيلة القطع الأجنبي، أو نقل المعارف والتكنولوجيا والحفاظ على البيئة، مشيراً أنه ورغم تدخل المعايير السياسية والاجتماعية غير الربحية في توجيه الاستثمارات العامة إلا أن هذا لا يعني مطلقاً إهمال دور الربح في توجيه تلك الاستثمارات، ولابد من الاعتماد على الربحية التجارية في اختيار مجموعات المشاريع التي تقام داخل كل قطاع من قطاعات الاقتصاد الوطني ولابد أيضاً من التركيز على معايير الربح في الحكم على درجة كفاءة التشغيل وقياس مدى كفاءتها وفعاليتها.
وأضاف أنه يمكن تحديد مفهوم سياسات الاستثمار بأنها مجموعة القواعد والأساليب والإجراءات والتدابير التي تقوم بها الدولة لتحقيق مجموعة من الأهداف الاقتصادية وتحقيق أكبر قدر ممكن من الزيادة في الطاقة الإنتاجية مع توزيع هذه الاستثمارات على القطاعات والأنشطة والأقاليم الاقتصادية بالشكل الذي يحقق أعلى معدل نمو اقتصادي خلال فترة زمنية معينة، مؤكداً أنه من الضروري تحديد العلاقة بصورة واضحة بين أهداف سياسات الاستثمار وبين معايير الربحية الاجتماعية من خلال ما يطلق عليه (التخطيط التأشيري) الذي يركز على منح حوافز ومزايا مباشرة وغير مباشرة للمشروعات الخاصة التي تحقق أهدافاً اجتماعية أكبر، منوهاً إلى التركيز على عملية تحديد مدى مساهمة المشروع الخاص في تحقيق الأهداف الاجتماعية مع اختلاف الوزن النسبي لكل هدف حسب الأفضليات التي تضعها الدولة، متسائلاً عن امكانية مشاركة فاعلة للقطاع الخاص في تحقيق الانتعاش الاقتصادي والتنمية الاجتماعية بآن معاً.
دمشق – الثورة
التاريخ: الأثنين 11-2-2019
رقم العدد : 16906