الجولة الثانية عشرة من اجتماعات آستنة، ولا يزال النظام التركي يتنقل على حبال الخيبات والمحاولات، لعله يحصل على بعض الأهداف التي يؤرقه رسمها والتخطيط لها، والمكاسب التي يحلم فيها، متجاهلاً أن وحدة الأراضي السورية خط أحمر، والمساس فيها أمر لا يمكن السكوت عنه مهما طال زمن مناوراته الخلبية، وتشظت نياته السوداء.
منذ بداية الأزمة في سورية، ثمة مسار سياسي مواز للحرب على الإرهاب، و تبنته فيما بعد روسيا وإيران ومعهما تركيا، إلا أن الأخيرة تسعى في كل مرة للتنصل من التزاماتها، نتيجة دعمها بعض العصابات، والتي ترى نفسها «مسؤولة» أمامها نتيجة الوعود التي قطعتها على ذاتها لأولئك المتطرفين، ودفعتهم لارتكاب الجرائم بحق السوريين، وتناست في كل مرة أن جميع المبادرات التي يطرحها الشركاء جاءت متوافقة مع قرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي انعقد قبل عام في سوتشي الروسية، وبالتالي من الضروري ألّا تعلق عليها أو تتحفظ على نتائجها.
لدى الحكومة السورية ثوابت لا يمكن تجاوزها أو التخلي عنها، أهمها رفض أي محاولات ترمي لخلق ظروف وحقائق جديدة تحت غطاء محاربة الإرهاب، وقد تمهد لأجندات يحملها النظام التركي ويريد تمريرها بحجة التطورات الميدانية، ولاسيما إذا كانت تشكل تهديداً لوحدة سورية وسيادتها، أو تهدد الأمن القومي للبلدان المجاورة.
النظام التركي حتى اللحظة يعول على المجهول، أو ينتظر تغييراً ما يعيد الأوضاع إلى نقطة الصفر، حتى يتسنى له اللعب مجدداً، وإعادة استخدام بعض الأوراق التي احترقت أصلاً، ولم تعد تنفعه، لأن استكمال الحرب على الإرهاب، والقضاء على ما تبقى من عصاباته بات ضرورة ملحة، على الأقل للأطراف التي تشارك عمليات القضاء عليه، وهي لن تسمح بعد كل الإنجازات في قهره والانتصار على مرتزقته، وإسقاط خرافته وخلخلة صفوفه بالتراجع إلى الوراء.
المعركة ضد الإرهاب مستمرة مهما حاولت تركيا اللعب على المصطلحات، سواء فيما يسمى الحفاظ على المناطق المنزوعة السلاح، أم غير ذلك لأن موضوع تلك المناطق ليس إلا مرحلياً، ومسألة إنهاء الوجود الإرهابي من إدلب وباقي المناطق السورية مسألة وقت، وترتيب أولويات مع الأطراف الحريصة على حل الأزمة والشريكة فعلاً في الحرب على الفكر المتطرف.
حسين صقر
huss.202@hotmail.com
التاريخ: الخميس 14-2-2019
رقم العدد : 16909