تتكاثر علينا وتائر الضغط بعد انتصارنا على الإرهاب رغم أن النصر التام مازال قاب قوسين أو أدنى، فوتيرة التصعيد الصهيوني تستعر علينا داخل الأرض المحتلة ووتيرة المنطقة العازلة عند أردوغان ما زالت تعمل في أحلام الرجل فما بال هؤلاء.
وما يدور في الذهن الأميركي وتيرة شيطانية، تهدم الأمة العربية ويصبح جمعها في مهب الريح إلى آخر الدهر، مخطط تفكيك جهنمي ما يمكن دعوته (الناتو العربي)، دَعَوْهُ تعاوناً إقليمياً، تساعده البلاد الغربية تمهيداً ليكون الكيان الصهيوني جزءاً منه.
أما التحول لاستعداء إيران، على أنها العدو بعيداً عن الصهيونية المغتصبة لفلسطين والجولان، هو الوتيرة المسيطرة على دول الخليج والسعودية. وكأنهم في حالة تنويم مغناطيسي، أو حرف لطبيعة الشعب بيد حكامه ومشغليهم، ما ينهك الأطراف جميعاً.
التوجه لناتو عربي أو إقليمي كما يدَّعون؛ هو خنجر مسموم، يحاولون غرسه في العمق العربي. والطريق إليه بات واضحاً في هالات التطبيع، التي بدأت تظهر بشكل سافر بين الكيان الغاصب وهذه الدول. وإن لم تصل لاعتراف رسمي وفتح سفارات
رغم أن الغطاء يلقى على هذا المخطط، إلا أنه شفيف قابل للنزع في أي لحظة. وليس من بلاهة يمكنها التحكم في السامع، بادعاء الأميركي محاربته الإرهاب ،ما يبرر بقاءه في المنطقة، الحقيقة تهييجه العربان ضد محور المقاومة وقوته الضاربة.
أما وتيرة العمل السياسي فهي في تجاذب، بين التركي الضامن للإرهاب في المنطقة والأميركي الذي يعرقلها، إلى أن تمتلئ خزائنه بالمال الخليجي فلا يبقي ولايذر، كل هذه الوتائر أصبحت مهلهلة بفضل انتصارات جيشنا، ومؤازرة محور المقاومة. والحليف الروسي، الوحيد القادر على التحاور مع الجميع.
أهلنا في الجولان نشروا جراحاتهم؛ على الأسلاك الفاصلة بين الجولان المحتل وسورية الأم، ورغم نزيزها بأشواكهم، لم تفصلهم تلك الأسلاك عن هويتهم السورية وما زالوا يعانون الإرهاب الصهيوني، الممول من الأميركي الحقود، فالعدو واحد
الأميركي صدَّر بضاعته المأفونة لتحرق حقولنا، وتقتل شبابنا، لتخنق قصائدنا في الحناجر، وتلملم أحلام أطفالنا في أكفانهم. شقق رصاصه شفاهاً، تاهت في سراب عطش لم يُبْقِ للماء طعم رَويِّ. أراد توطين الخيبات والحزن وفشل في قتل الأمل.
ستنام الرؤوس المتعبة كلؤلؤة في محارة عشقت عمق البحر، وهي تحلم في أيام يعود فيها الضحك قهقهات من القلب، سنصمد رغم كل الأبواب التي توصد أمامنا، بسبب الحصار الذي يحيق بحياتنا ويجعلنا نلهث، لينبجس ضوء دافئ من صقيع ثلج الأيام.
عناكب الوتائر المهلهلة تحاول نسج بيوتها حولنا، للمساومة على حريتنا وسيادتنا، لثقتهم من إرادة اللا تفريط فيها، لو كنا نقبل لما تحملنا ولا ضحينا، حربهم العالمية لم تكسرنا، بدؤوها بأزمة وما زالوا يدعونها (أزمة) لتخفيف وطئها والتخلي عنا أممياً.
تَقَبَّلْنَا الموت لنولد من جديد، لنحمي رؤانا الفياضة بعشق الوطن، من أن تبلى أو تهترئ مثل الثوب الذي أرادوا منه رداءً؛ لكنه مزق بخيباتهم، حاولوا إخفاء تفاصيل مكائدهم، بتفاوت الضغط أيام الأزمة المزعومة بين الشدة القاتلة والفتور المميت.
رموا بيننا أناساً محشوين بالجهل على أنهم مجاهدون، جاؤوا لفتح ديار الكفر وهم لم يفتحوا أصلاً كتاب قراءة لتعلم أبجدية الحروف، حاولوا ترويج التراث العشائري والتحريض المذهبي، لكنهم فشلوا فارتد رصاص الحقيقة القاتل إلى نحورهم.
المصالحات الوطنية أصبحت استراتيجية ذات منهج، تشرق مهيبة مع جهجهة كل فجر، في سماء رحيبة، لم تلبدها غيوم الحقد. لتكون القاسم المشترك الأكبر الذي يرتق معظم الثغرات، ويفرد جناحي النسر السوري ليحتضن أبناء الوطن في موجة النصر الغامرة، لقتل أحزان أرادوا لها أن تكون أبدية تلتحف بها أيام عمرنا القادم.
أرواح أحبتنا المنطفئة في الحياة الدنيا، ستنير من عليائها أبواب المستقبل، لوطن ما زال يعاني من تبعات الاستعمار الغربي، المطرود من بلادنا، هو لم ينسانا من زواريب ذاكرته الحاقدة، كما ذاكرة سليل سلاطين العثمانية، المزروعة بالأشواك.
لم نسئ التقدير يوماً في فرز عدونا من الصديق، لكن طيبتنا الطافحة، تتحد بثقتنا ونقاء نفوسنا في بناء إلهي، ينتج مزيجاً رحيقه لم يستطع تغيير طعم العدوان في حلوق من طُرِدوا من أرضنا بنار دماء اختارت الشهادة، والنصر دون أوسمة، لنحيا.
حَشَدَ مِنْ لا تاريخ لهم، لمحو تاريخنا.. كل أوغاد ووحوش الأرض المتخلية عن إنسانيتها، وثبَّتَ أفعالهم جون كيري يوماً حين قال: قررت أميركا أن تحارب داعش حتى آخر جندي عربي وآخر ريال سعودي، فكتبنا بدمنا الرائق ولغتنا نهاية جنونهم.
لأننا نحب أطفالنا لا بد نبعد لعبة الحرب عنهم، نهديهم سورية جديدة، ومستقبلاً رائقاً نعمق فيهم لغتنا التي تنامت في مسير حضارات بلادنا، نمحو صدأ الحرب، نرسم خطوط الضحى، نطمر أنواء الأسى والنواقص والنمطية في صدفة ندسها في صخرة ننزع من تحتها الألغام، نفكك الحواجز المتعرجة، ونمتطي صهوة العمل بابتسامة.
إضاءات
شهناز فاكوش
التاريخ: الخميس 28-2-2019
رقم العدد : 16920

التالي