حلو .. حامض .. ضمائر بلا حدود

بين يافطات الأطباء زاغت عينا المريض و حار و تردد قراره و طال استقراره في الاختيار ، و بين نصائح مجرب و هذا و ذاك من الأصدقاء و المعارف و الجيران داخ و لم يبق أمامه إلا استخارة ربه و التوكل على الله ، فحزم أمره و رزم أمواله و ذهب بجسد واهن و رجاء بإيجاد علاج عند حكيم قيل أن الشفاء من الأسقام بيده بعد الله.
بعد موعد هاتفي طال انتظاره حان موعد تلقي الصدمة الأولى ليزيد الوهن وهنا و القلب تصلبا و الضغط تأرجحا بين هبوط و صعود ، فكشفية الطبيب الميمون عشرة آلاف عدا و نقدا ، طلبتها بكل شياكة و برودة أعصاب سكرتيرة توازي أناقة العيادة جمالا و نعومة بعد أخذ بيانات المريض ، فأفرغ ما في جيوبه بكل خنوع و رضوخ ، مواسيا نفسه بمونولوج داخلي مضطرب .. لعل الآلاف لا تذهب هدرا ، و معلقا آماله بدواء شاف .
الصدمة الثانية كانت بعد انتظار سقيم و دور طويل ، و ها قد أتى موعد اللقاء بلامع الأطباء ، إلا أن الترحاب لم يكن بحجم الآلاف المدفوعة ، و الكلمات بالقطارة و كأنه مريض يستشفي بالمجان ، بينما التعالي سيد اللقاء و الاستعجال يقضم الدقائق و الفحص السريري متسارع يحث اللمسات للانتهاء ، أما التشخيص فيغص بالاحتمالات و التردد بين و بين ، لينهي اللقاء الثمين بأن العلاج لعليل متلهف للشفاء ليس من اختصاصه ، فالأهم قد حصل و الآلاف باتت في درج محكم الاغلاق … الله يشفيك مع السلامة ..
جر أذيال خيبته و أوجاعه و هواجسه ، و هبط متثاقلا ينقط على أدراج البناء غيظه و حنقه .. تبا لأطباء بات همهم نهب المريض ، و ملء الجيوب لا بلسمة العليل و براء أوجاعه ، و الآن عشرة آلاف طارت من الراتب و لم تطر معها الآلام!!
في ركن آخر يحمل بساطة الروح و طيبة القلب ، ذاع صيت طبيب لم يزل يسكن قسم أبوقراط الطبي عقله ليترجمه فعلا ، كشفيته خمسون ليرة لا غير في زمن فقدت فيه الليرات قيمتها ، همه الأول و الأخير رفع الوجع من الأجساد ، لا سحب الآلاف من جيوب من ثقلت أوجاعهم و فرغت جيوبهم ، يبتسم لاستقبال المريض ينصت باهتمام و يعاين بضمير حي ، يصف العلاج و ربما يعطي الدواء إن أحس بعجز المريض عن صرف الوصفة الطبية من الصيدلية .
نموذجان يجمعان الحلو و الحامض ، و يعكسان وجهين متناقضين لعملة واحدة طرة و نقش ، بينما الضمائر بلا حدود مشتركة تقفان على ضفتين متقابلتين يجمعهما قاسم مشترك و هو الرداء الأبيض ، أما الغايات و الوسائل فتتصارعان أيهما أولا .. المال أم المريض و علاجه؟؟

 

منال السماك
التاريخ: الجمعة 1-3-2019
الرقم: 16921

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
الرئيس الشرع يستقبل المبعوث الخاص لرئيس الوزراء العراقي إلى سوريا الرئيس الشرع وملك البحرين يؤكدان تعزيز التعاون الخارجية الأميركية: العلاقات مع سوريا تدخل مرحلة جديدة غروسي: نتطلع إلى تعزيز التعاون مع سوريا ونخطط لزيارتها مجدداً تعزيز التنسيق المشترك عربياً ودولياً في لقاء نقابي سوري سعودي  "المركزي" كوسيط مالي وتنظيمي بين الأسر والشركات  "وهذه هويتي".. "حسين الهرموش" أيقونة الانشقاق العسكري وبداية الكفاح    إصدار التعليمات التنفيذية لقرار تأجيل الامتحانات العامة   لبنان يعلن عن خطة جديدة لإعادة النازحين السوريين على مراحل لاستكشاف فرص التعاون والاستثمار.. الحبتور يزور سوريا على رأس وفد رفيع قريبا  2050 حصة من الأضاحي لأهالي ريف دمشق الغربي "أطباء درعا" تقدم الأضاحي عن أرواح شهداء الثورة   التربية تشدد على التنسيق والتأمين الكامل لنجاح امتحانات2025 ضخ المياه إلى شارع بغداد بعد إصلاح الأعطال الطارئة أعطال كهربائية في الشيخ بدر.. وورش الطوارئ تباشر بالإصلاحات الجولات الرقابية في ريف دمشق مستمرة لا قضيّة ضد مجهول.. وعيونهم لا تنام الأدفنتست" تعلن بدء مشروع "تعزيز سبل العيش" في درعا "تاريخ كفر بطنا ".. خربوطلي : من أقبية الفروع الأمنية بدأت رحلتي  نيويورك تايمز: المقاتلون الأجانب بين تقدير الثورة ومخاوف الغرب