لا تجد واشنطن حرجاً في وضع شروط لإنهاء المأساة الإنسانية للمهجرين السوريين بفعل الإرهاب والذين تحتجزهم في مخيم الركبان قرب تواجد قواتها غير الشرعية في التنف وتمنعهم من العودة إلى قراهم ومدنهم التي حررها الجيش السوري من الإرهاب.
إن اشتراط الخارجية الأميركية إنهاء مأساة “الركبان” بقيام روسيا بالتنسيق معها والأمم المتحدة يعكس من جهة النفاق الأميركي ومن جهة أخرى يصادر حرية وقرار سكان المخيم الذين يرغبون بالعودة إلى أماكن سكنهم وتمنعهم القوات الأميركية من ذلك.
الادعاء الأميركي بعدم تنسيق روسيا مع الأمم المتحدة كاذب بدليل أن استطلاع أجراه ممثلو المنظمات التابعة للمنظمة الدولية بالتعاون مع الهلال الأحمر السوري داخل مخيم الركبان بين أن أغلبية الموجودين فيه يرغبون بالعودة إلى الأراضي الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية، ولكن الإرهابيين وخاصة المدعومين من الجانب الأمريكي والذين يستولون على المساعدات يمنعونهم من ذلك.
الشرط الأميركي إضافة إلى نشر الجنود في قاعدة “التنف” الإشاعات وتخويف اللاجئين من مغبة العودة إلى الوطن ومطالبة الراغبين بالمغادرة بتسديد مبالغ مالية كبيرة بالدولار الأمريكي دليل على عدم اكتراث واشنطن بمعاناة هؤلاء المهجرين اللذين يعانون من الأمراض المعدية و البرد وانعدام الحد الأدنى من الغذاء والوقود.
تغلف واشنطن اشتراطها لحل أزمة المخيم المذكور عبر الإيحاء بحرصها على ضمان حياة اللاجئين الراغبين بمغادرته و لكن من جانب آخر تعمل على توظيفه عبر طرحه المقايضة والتفاوض والمساومة مع روسيا بشأن قضايا أخرى خلافاً لكل القوانين الإنسانية وما يؤكد ذلك هو ممانعة الخارجية الأميركية تولي الأمم المتحدة حل هذا الموضوع مع روسيا دون السعي لاستثماره في خلافات البلدين.
ما تفعله الإدارة الأميركية اليوم هو جزء مما فعلته الدول الراعية للإرهاب ومصدرته بحق المهجرين السوري طوال ثماني سنوات حيث تم توظيف هذا الملف في جميع أجهزة الأمم المتحدة للضغط على الحكومة السورية وإظهار عجزها عن تأمين متطلبات مواطنيها أمام العالم واستثمار ذلك على أوسع نطاق في دهاليز السياسة الدولية .
لم تترك الحكومة السورية فرصة إقليمية أو دولية إلا واستثمرتها من أجل وقف استغلال المهجرين وسرقة المساعدات المقدمة لهم و تجاهل رعاة الإرهاب الإقليميين والدوليين دعوتها إلى الكف عن دعم الإرهابيين في بداية الأمر كي يعود المهجرون إلى وطنهم ولم ينصت لها أحداً لأن ملفهم كان جزءاً من الأجندة الهادفة إلى إسقاط وتفكيك سورية .
وباعتراف منظمات الأمم المتحدة كانت حصة الدولة السورية وحلفائها من تقديم المساعدات للمهجرين بفعل الإرهاب هي الأكبر وتخطت 75 بالمئة من القيمة الإجمالية بينما لم تتجاوز المساعدات الدولية نسبة 20 بالمئة وجاءت أقل المشاركة في هذا الملف الإنساني من الدول الراعية للإرهاب والتي كانت توجهها إلى أماكن تواجد التنظيمات الإرهابية حصراً.
المراقب لأنشطة الحكومة السورية المتنوعة والمتواصلة والمتفاعلة إقليمياً ودولياً لإنهاء معاناة اللاجئين داخل الوطن وخارجة يلاحظ انطلاقها من مصلحة وطنية و حقها القانوني بالحرص على مواطنيها ولكن في نفس الوقت رفضها القاطع إخضاع هذا الملف الإنساني للمساومة السياسية وخاصة مع الدول التي كانت سببا في تهجيرهم و في مقدمتها الولايات المتحدة.
معاً على الطريق
أحمد ضوا
التاريخ: الأحد 3-3-2019
رقم العدد : 16922
السابق