خيارات الغـرب السيئة تتراكـم في الشرق الأوسـط

 

احتدم الجدل خلال الأشهر الأخيرة، وبدأ يحرك الدوائر السياسية – الاعلامية الأوروبية أن: ماذا نفعل برعايانا الذين يطلق عليهم اسم (جهاديين) والذين يرغبون بالعودة الى بلدانهم الأصل بعد أن قاتلوا الدولة السورية ؟ .
سؤال حساس يحال للجهات الأمنية والقانونية دون إغفال الرأي العام، لكن كما هو شأنهم ويوافقهم أن يؤخروا الأمر لمحاولة فهم الظروف والملابسات، ففي حربهم التي لم يعترفوا بها على سورية أخطأ الأوروبيون كما يفعلون كل مرة في تبعيتهم للأميركيين وليس لهم الآن سوى أن يشهدوا هزيمتهم إذ كان عليهم بدلاً من خيارهم وتحركهم لزعزعة الدولة السورية أن يتركوا هذه الدولة تحل مشاكلها الداخلية باحترام سيادتها، لقد اصطفوا على خط الذين أرادوا اسقاط الرئيس الأسد وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية دعماً لاسرائيل المستمرة في زرع الفوضى في المنطقة لتقسيمها الى دويلات مجزأة ضعيفة والتي تحتاج بعد هذا الخراب الى عدة أجيال كي تتخلص منه، فبعد أفغانستان والعراق وليبيا كان المتفق عليه أنه دور سورية المواجه الشرس لاسرائيل، وقبل اليمن وإيران التي لم يفعّل بعد الجدول العسكري ضدها طالما أن هذه الدولة استطاعت أن تستبعد الخطط القذرة الغربية والصهيونية، فهي تشكل تحدياً كبيراً لكل من يريد النيل منها ونحن نعرف جيداً نفاق وخداع الدوائر السياسية الاعلامية الغربية اليوم لتحريف الحقيقة عبر اعلامها المراقب، فوسائل الاعلام المهيمنة يسيطر عليها عدد من أصحاب المليارات المرتبطين بالسلطة والذين أصبحوا جهابذة في التضليل الاعلامي لمواطنيهم حيث أعطوا المبررات لتدخلهم في شؤون الدول تحت ذرائع انسانية معتمدين على علم الدلالة في المصطلحات التي اعتمدوها مثل (حق التدخل) و (حروب انسانية) و (ضربات استباقية) و( ثورات ملونة ) وغيرها.
ثم مع اندفاعة (الربيع العربي) وبعد ثماني سنوات من حرب ظالمة أطلقوا عليها (حرب أهلية ) لا بل (ثورة سورية) لكن يمكن تصنيفها بالعالمية، حيث شارك فيها حوالي ثمانين دولة بطريقة مباشرة عبر تدخل عسكري أو بشكل غير مباشر عبر دعم لوجيستي مالي دبلوماسي والحصيلة كانت كارثية من ضحايا وجرحى وتدمير بنى تحتية ونازحين دون الحديث عن الأطفال الذين فقدوا أهلهم وهم الآن مشردون والدول التي غامرت في هذه الحرب القذرة تطرح الآن على نفسها السؤال المعقد عن رعاياها الذين دفعتهم أفكارهم السيئة للالتحاق بجماعات ارهابية أطلقت على نفسها (الدولة الاسلامية)، جمعت كل أنواع تنظيمات المرتزقة التي يغير عناصرها تسمياتهم بحسب الاحداث والأماكن والروابط التي تجمعهم، كما يجب أن لا ننسى أن حكوماتنا التي تحالفت وقالت للولايات المتحدة: إليك عني في تدمير الدولة السورية حيث مولت ودعمت وشكلت مجموعات المرتزقة وسلحتها منذ أن أطلق لوران فابيوس المعروف بقربه من الصهيونية تصريحاته المعروفة، فمع هذا اليقين الغربي بأسر الحقيقة في جميع الاتجاهات والأماكن وتميزه في اطلاق التسميات (حقوق الانسان) في أي فرصة عندما يناسبهم كيف تكون المصداقية في ذلك عندما نرفض استقبال رعايانا الضالين الذين ذهبوا لمقارعة الدولة السورية، في الوقت الذي كان سلاحنا وحكوماتنا يفعلون الشيء ذاته ومازالوا .. إنه أمر محير!
إن التحالف الذي خسر هذه الحرب رغم أنها لم تنته بعد عليه تحمل النتائج وهنا أيضاً يبلغ النفاق أوجه، المسألة حساسة جداً لأن قسماً من هذه الدوائر السياسية الاعلامية الآن في يقظة انسانية مخادعة تنقسم حول مسألة أنه من غير المناسب التفريق بين الرجال والنساء والأطفال الذي وقعوا في فخ هذه الحرب الخاسرة، البعض يدعي أنه لا يجوز فصل الأمهات عن أطفالهن وآخرون يقولون إنه من الصعب تحديد العمر الذي يصبح فيه الولد مراهقاً مسؤولاً في حين يرفض آخرون متطرفون العودة الى التفجيرات التي حصلت في أوروبا رفضاً كلياً أي عودة لهؤلاء .
لنقدم إذاً هذه اللائحة البائسة بأسماء المراهقين للنقاش حول ضحايا سياسة دولة فكرت بشكل سيء وتنضح بالعنصرية وبالتالي هي مسؤولة بشكل مباشر عن الوضع الحالي فبعد هذا الخلط لخطط العمل وبعد التحريات وجد أن غالبية الأوروبيين يقفون ضد عودة (الجهاديين) الى أوروبا، ففي استفتاء حول هذا الموضوع تبين أن 67% من الفرنسيين يعارضون عودة رعاياهم الى بلدهم، كما نشرت وول ستريت جورنال خبراً مفاده أن القوات الفرنسية في المنطقة أوعزت الى القوات العراقية بسحق هؤلاء الجهاديين وتوجيه ضربات للذين هربوا من سورية الى العراق لأن الدولة الفرنسية لا تريد عودتهم وبعبارة أخرى التبليغ واضح : أبقوهم عندكم فنحن لا نريدهم ماعدا السجناء الذين يسببون قلقاً أكثر خطورة فهم يريدون التخلص منهم أيضاً .
وضع مؤسف يدعو للرثاء بعد تضاعف الكوارث التي سببها الغرب وزرعها في الشرق الأوسط بعد حججه بـ تفجيرات 11 أيلول، لكن اخفاقاته واضحة وعلى هؤلاء أن يشيروا الى ضرورة مراجعة السياسة الخارجية الأوروبية الحمقاء غير المعقولة والتي لا يمكن أن تؤدي إلا لردود أفعال عنفيه. إنها آلة الحرب الرهيبة لهذه الدول التي تصرف المليارات ومنها ضرائبنا في غزواتها المجرمة والأخطاء المكررة لحكوماتنا الأوروبية غير الكفوءة، كما سيحدث أيضاً أشياء أخرى في الكواليس في ظل ديمقراطياتنا الوضاءة التي يتم تمجيدها من خبراء وسائل الاعلام المسيطرة.
عن موندياليزاسيون

ترجمة: مها محفوض محمد

 

التاريخ: الثلاثاء 19-3-2019
رقم العدد : 16935

آخر الأخبار
إعزاز تحيي الذكرى السنوية لاستشهاد القائد عبد القادر الصالح  ولي العهد السعودي في واشنطن.. وترامب يخاطب الرئيس الشرع  أنامل سيدات حلب ترسم قصص النجاح   "تجارة ريف دمشق" تسعى لتعزيز تنافسية قطاع الأدوات الكهربائية آليات تسجيل وشروط قبول محدّثة في امتحانات الشهادة الثانوية العامة  سوريا توقّع مذكرة تفاهم مع "اللجنة الدولية" في لاهاي  إجراء غير مسبوق.. "القرض الحسن" مشروع حكومي لدعم وتمويل زراعة القمح ملتقى سوري أردني لتكنولوجيا المعلومات في دمشق الوزير المصطفى يبحث مع السفير السعودي تطوير التعاون الإعلامي اجتماع سوري أردني لبناني مرتقب في عمّان لبحث الربط الكهربائي القطع الجائر للأشجار.. نزيف بيئي يهدد التوازن الطبيعي سوريا على طريق النمو.. مؤشرات واضحة للتعافي الاقتصادي العلاقات السورية – الصينية.. من حرير القوافل إلى دبلوماسية الإعمار بين الرواية الرسمية والسرديات المضللة.. قراءة في زيارة الوزير الشيباني إلى الصين حملات مستمرة لإزالة البسطات في شوارع حلب وفد روسي تركي سوري في الجنوب.. خطوة نحو استقرار حدودي وسحب الذرائع من تل أبيب مدرسة أبي بكر الرازي بحلب تعود لتصنع المستقبل بلا ترخيص .. ضبط 3 صيدليات مخالفة بالقنيطرة المعارض.. جسر لجذب الاستثمارات الأجنبية ومنصة لترويج المنتج الوطني المضادات الحيوية ومخاطر الاستخدام العشوائي لها