في معراجهن يتقد البهاء ومن عطائهن يستمر الوفاء.. أمهات بلادي اللواتي أضأنا وهن يضفن كل يوم من ملح تعبهن وكدهن وصبرهن ليستقيم طعم الحياة ،نكهة مطبوخة بنفس الواجب والرغبة والمسؤولية ، أعددن لها مواقد دفء بلون كبرياء وعزيمة وطن..
أمهات كثيرات يعشق اللسان الحديث عنهن فأينما أمعنت النظر في مساحات كنوز أودعتها جدران العاطفة والوجدان ،وأتحت لمجهرك البصري ان يدقق في قسمات من سقين ربيعنا وأزهرن حياتنا من مناهل حبهن ورعايتهن وعطفهن ،لنجد أنهن كنا ومازلنا في خط الدفاع الأول عن نوافذ الأسرة وأبواب المجتمع ..فعن أي لوحة سورية نتحدث وأي فسيفساء نختار وعلى أي بساط نفرد أسارير الكلام.
كنا نقدم الهدية الرمزية لأمهاتنا ربما قطعة قماش،بعض مصاغ من ذهب ومجوهرات، مبلغ من المال،عزيمة غداء أو عشاء ،مع لمة عائلة تحن لها عواطف مهاجرة الى استنشاق رائحة أمهات عانقن ظلال الحياة بكل تجلياتها.لم نعد نأبه كثيرا لتلك الطقوس في أيامنا هذه فقد تغيرت الأدوات والمهمات، لأن القيمة ارتقت بهنّ إلى مصاف القديسات.قهرن ظروفا استثنائية كنا فيها رائدات..
عذرا منكن سيدات الوطن نساء و أمهات سورية الغاليات لا تسعفنا الكلمات، فأنتن الأقوى في مخزون اللغات القابضات على وجع وطن، الحانيات على جراحه،الغافيات على صدره،المتوسدات لحافه،المزيّنات قامته،الجابرات خواطره،الملهمات لصبره ،المضحيات بأغلى ما تملكن وما لديكن.
فمن أي طينة عجنت أيتها الأم السورية، ومن أي بريق لمعت لتكوني أم الشهيد تتحملين فراق الأحبة الواحد تلو الآخر لمثنى وثلاثة وأربعة وستة .لم تهزمك صدمة الألم الملتهب في شرايين قلبك نهضت كالعنقاء ترفضين ذلا وهوانا.
فمن أي معدن أنت يا من أبيت أن تصدئين أو تحنين رأسك لكوابيس غازية مفصلة بقميص عدوان جاء ليخطف منك جسد الوطن الذي أعددت له الشباب والصبايا وعززت التربية والأخلاق تجسدين مدرسة قال عنها شاعرنا..
الأم مدرسة إذا أعددتها.. أعددت شعبا طيب الأعراق.
ثماني سنوات من المخاض العسير لويلات ومصاعب ومحن بددت ريحها وأبطلت سمومها لتحتل رأس القائمة أمهات وزوجات الشهداء ،أمهات المخطوفين والمفقودين،الأمهات المعلمات والمدرسات والمحاميات والموظفات والمهندسات والطبيبات والصحفيات والرياضيات والمزارعات وربات المنازل..أمهات بلون سورية عبق التاريخ عروسة المجد،
أمهات بلون العلم العربي السوري يتنفسن السمو والرفعة مع كل شهقة زفير وخطوة جندي مقاتل.تعلم هؤلاء أبناء الوطن في مدرستكن كيف تكون البطولة والرجولة والإباء .
كل عام وأمهات وطني رافعات الرأس يعتلين أمواج العواصف والأعاصير مهما اشتدت ريحها،،يوجهن أشرعتها بما تشتهيه بوصلة الحياة الكريمة في وطن المحبة والسلام الذي من أجله قدمت كل هذه التضحيات التي أصبحت في التوصيف ..معجزة وطن وأسطورة شعب ،بتوقيع أبطال الجيش العربي السوري الذين تجاوزوا جميع خطوط العدو لنبقى في واحة الأمن والسلام.
في عيد الأم المبارك .افتقدت دعاء أمي الذي اعتدت عليه سنوات طويلة لكن بخور صداه ينعش نفسي التي تحيا تفاصيل لا تتسع لتخزينها مساحات العمر المتبقية.
غصون سليمان
التاريخ: الخميس 21-3-2019
رقم العدد : 16937