ترامب يحاكي أطماع إسرائيل في الجولان وقراره لا يغير حقائق التاريخ

سلطت ردود الفعل الدولية المنددة بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخصوص اعترافه بشرعية احتلال إسرائيل للجولان العربي السوري المحتل الضوء على الحالة الصعبة التي وصلت إليها السياسة الأميركية في عهد ترامب، حيث أضحت حماقاته وقراراته المثيرة للجدل تشكل عبئاً كبيراً على الولايات المتحدة الأميركية وتعطي دفعاً للمطالبات الداعية لعزله من منصبه في داخل أميركا بسبب فقدانه الكفاءة والأهلية لتولي منصب الرئاسة.
الاعتراف المشؤوم الذي وقعه ترامب ليس مجرد صفعة جديدة للمجتمع الدولي ولقراراته بخصوص الجولان المحتل، وإنما يعتبر صفعة للسياسة الأميركية التي باتت ترسم كما لو أنها صفقات تجارية، ولا سيما أنه يحاكي في سياساته أطماعا وأوهاما خاصة بعيدة عن الأصول الدبلوماسية التي كان يحترمها أسلافه من الرؤساء الأميركيين رغم ميلهم الجارف إلى إسرائيل.
قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بسيادة كيان الاحتلال على الجولان العربي السوري يندرج في إطار السياسة العدوانية الرعناء التي ينتهجها منذ توليه السلطة والتي تقوم وترتكز على العبث بكل ما هو موجود وقائم، وضمنا القرارات والاتفاقيات الدولية التي كانت بلاده طرفاً فيها ولاسيما قرارات الشرعية الدولية التي تخص الجولان العربي السوري المحتل من قبل إسرائيل منذ العام 1967.
ترامب الذي يحمل عقلية التاجر الفاسد الذي يرى كل ما هو موجود أمامه مجرد صفقة للبيع والشراء والابتزاز بأي شكل وأي ثمن، يحاول الضغط على دمشق المنتصرة وحلفائها المنتصرين ضمن إطار سياسة رد الاعتبار والخروج بأقل الخسائر الممكنة على الأرض بعد اندحار وسقوط المشروع الأميركي في سورية وتهاوي وانهيار الأدوات التي كانت تراهن عليها الولايات المتحدة في المنطقة حتى وقت قريب.
صحيح أن قرار ترامب بشأن الجولان سيزيد من غطرسة كيان الاحتلال في التعاطي مع مختلف الأمور المتعلقة بأهله المقاومين بحيث يدفع قادة الاحتلال للتوهم أنهم حصلوا على صك ملكية تتيح لهم التصرفات بمقدرات الجولان وتاريخه وثرواته، لكنه لن يستطيع تغيير الحقيقة أو يعطي المشروعية للكيان الصهيوني الذي احتل الأرض العربية بالقوة الغاشمة على النقيض من القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لكن الصحيح أن هذا القرار سيضاف إلى السجل الأميركي والإسرائيلي الحافل بالانتهاكات والتمرد على الشرعية الدولية ورفض القرارات الأممية ليس التي تخص القضايا والحقوق العربية فحسب وإنما القرارات التي تخص قضايا وحقوق شعوب ودول العالم أيضاً.
ففي سياق ردود الفعل الرافضة والمنددة بإعلان ترامب حذرت روسيا من العواقب السلبية لهذا الإعلان، مشددة على أنه يشكل خرقاً جديداً للقانون الدولي، ونقلت وكالة سبوتنيك عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قوله أمس (إن الخطوة الأمريكية الأخيرة بشأن الجولان المحتل هي انتهاك صارخ للقوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي.. ومن الواضح أن مثل هذا القرار ستكون له عواقب سلبية فيما يتعلق بالتسوية السياسية في الشرق الأوسط وعلى المزاج العام للتسوية السياسية في سورية).
بدورها أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن إعلان ترامب بضم الجولان السوري المحتل إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي يشكل خطوة لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، وقالت زاخاروفا لقناة (روسيا 24) إن موقف روسيا ثابت ولم يتغير من قضية الجولان المحتل والذي نعتبره أرضاً سورية، مشيرة إلى أن روسيا تسترشد باستمرار بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 497 الذي يؤكد أن قرار كيان الاحتلال الإسرائيلي بضم الجولان السوري المحتل لاغ وباطل ولا أثر قانونيا له.
ولفتت زاخاروفا إلى ازدواجية المعايير التي ينتهجها الساسة الأمريكيون ففي الوقت الذي يزعمون فيه حرصهم على ضرورة التمسك بالقانون الدولي إلا أن إعلان ترامب حول الاعتراف بضم الجولان الى كيان الاحتلال الاسرائيلي لا يتناقض مع القانون الدولي فحسب وإنما ينتهكه بشكل مباشر.
من جهته ندد الرئيس الإيراني حسن روحاني بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بضم الجولان السوري المحتل إلى الكيان الإسرائيلي.
وقال روحاني في كلمة له: إنه ما كان يخطر ببال أحد أن يقوم رئيس أميركي ومن جانب واحد وخلافا للقوانين والقرارات الدولية بمنح أرض تعود لشعب بلد إلى مغتصب، وأضاف روحاني إنه في الوقت الذي كان يسيطر فيه الاستعمار على العديد من أجزاء هذا العالم كانت بعض القوى الاستعمارية تفعل مثل هذه الأشياء وتعطي جزءا من بلد لأعوانها وعملائها ولكن ما أقدم عليه ترامب لم يسبق له مثيل في القرن الحالي.
بكافة الأحوال هو فصل جديد من فصول الإرهاب السياسي الأميركي بعد أن فشل الإرهاب العسكري والوحشي والدموي في الميدان، وذلك بهدف خلق حالة من اللاتوازن في المشهد السياسي تختل فيها القواعد والموازين وتضيع معها بعض العناوين الأساسية والكثير من التفاصيل الهامة التي كانت صانعة للحدث وحاملة له.

 

فؤاد الوادي
التاريخ: الخميس 28-3-2019
الرقم: 16942

 

آخر الأخبار
"لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها