منذ اللحظات الأولى التي تم الإعلان عن تأجير ميناء طرطوس كثرت التأويلات والاجتهادات التي اعتدنا عليها من بعض الذين يلتقطون أي خبر لمحاولة رفع منسوب الوطنية لديهم بالتنظير فقط، وكأن هؤلاء وحدهم حراس وطنية الدولة وهيبتها وقرارها المستقل. وراح البعض يتحدث عن ميناء طرطوس وكأن أصحاب القرار لا يعرفون ذلك بدءاً من موقعه الاستراتيجي المهم وصولا إلى استقباله للسفن من مختلف أنحاء الوطن العربي وقارة أوروبا والبحر الأسود.
ورغم أن مثل هذا العقد ليس جديداً وصل الأمر لدى البعض بتخوين كل من يقف وراء هذا التأجير رغم أننا جميعاً يفترض أن نعلم وهذا ما أوضحه السيد وزير النقل بأن تجربة العقد ليست جديدة فقد كانت هناك تجربة سابقة في إدارة محطة الحاويات في مرفأ طرطوس من شركة فلبينية.
ولعل الأهم في الأمر كله أن العقد جاء وفق نظام عقود التشاركية بين القطاع العام والخاص المعمول به في سورية وبالتالي ليس كما يتصور البعض أو يتوهم غيرهم أيضاً.
نحن نعاني من حصار جائر ومن حروب بالجملة عسكرية واقتصادية وإعلامية، وعلينا أن نفكر في تمتين خندق المواجهة ونستخدم كل الأسلحة التي تكسر هذا الحصار وتهزمه. والسلاح الأقوى في المواجهة هو ثقة المواطن بما تقوم به الدولة وفي مقدمة ذلك الثبات على المبادئ وعدم الخضوع للإملاءات واستحالة المقايضة على الأمور السيادية.
من هنا يجب أن ننظر إلى مثل هذه الخطوات الاستثمارية وفقاً لحجمها وطبيعتها الاستثمارية فقط. وأن نشاهد ونتابع القضايا على حقيقتها ومنها هذه الخطوة الاستثمارية التي تأتي ضمن خطوات مواجهة الحصار والحد من العقوبات الظالمة وكما قال السيد وزير النقل إن وجود شركة عالمية مستثمرة للمرفأ من شأنه أن يعطي أجواء إيجابية للسفن العالمية ويحثها على ارتياد المرفأ الأمر الذي من شأنه التخفيف من وطأة الحصار المفروض على سورية والمساهمة في وصول احتياجات ومستلزمات الشعب السوري.
أصل الحكاية في مواجهة الحصار ونجاحنا في مقاومته وكسره والتغلب على تداعياته وآثاره هو البعد الاجتماعي والرؤية المشتركة التي تجمع الناس على الثقة بقدارات الدولة وقراراتها وأن يشعر الجميع أن لكل مواطن دوره وألا يقلل من شأن هذا الدور.
والأهم من ذلك كله ألا ينزلق أحد وراء الشائعات ويسير خلف من يتوهمون أن سورية يمكن أن تضعف أو أنه يمكن تجويع السوريين كي تتبدل مواقفهم ومبادئهم ويخضعون للإملاءات.
يونس خلف
التاريخ: الثلاثاء 30-4-2019
الرقم: 16967