اختلفت التحليلات الاقتصادية حول أسس إدارة الوضع الاقتصادي في هذه المرحلة الصعبة مع ظهور آثار العقوبات المفروضة بشكل غير شرعي من الولايات المتحدة والدول الغربية على بلدنا، حيث ذهب البعض إلى مقارنة هذه المرحلة مع مرحلة الثمانينات متجاهلين تغير الظروف والأوضاع حيث كانت جميع المنشآت والمصانع تعمل، والمزارع تنتج، وبما يلبي الكثير من الاحتياجات الأساسية، فيما يذهب البعض إلى طرح فكرة وقف كافة المشاريع الاستثمارية وتكريس مقدرات الدولة لتأمين الاحتياجات الأساسية.
لا شك أن الطرح الأول الذي يذهب للمقارنة مع فترة الثمانينات بعيد عن إمكانية اعتماد نفس الإجراءات لتغير الظروف، أما فيما يتعلق بالطرح الثاني والمتضمن وقف كافة المشاريع لصالح تمويل الاحتياجات الأساسية فإنه يقود إلى جمود اقتصادي في كثير من القطاعات، وعليه فالحل بعيد عن الطروحات المذكورة.
المرحلة تتطلب دراسة معمقة والتمييز بين المشاريع المنتجة والمشاريع الخدمية والاستهلاكية وعلى أساس ذلك يتم التحرك لتوجيه الاستثمارات إلى المشاريع المنتجة التي يمكن من إنتاجها تمويل المشاريع الخدمية والاستثمارية وفق الأولويات.
عندما يتم تمويل إعادة تأهيل أي خط إنتاج أو معمل أو أي منشأة فيمكن من أرباحها تمويل مشاريع أخرى، فتمويل قطاع الطاقة (نفط وكهرباء) يُمكن أن يوفر عائدات بعشرة أضعاف رأس المال المدفوع، وما يُمكن أن يحققه بئر نفط أو غاز من عائدات يعادل في يوم واحد ما يُمكن أن تحققه منشات أخرى في عام كامل، ولذلك لا بد من تمويل مشاريع الاستكشاف والتنقيب عن النفط قبل تمويل مشاريع أخرى في الاتصالات والطرق وغيرها، لأن عائد بئر نفط أو غاز يُمكن أن يوفر تمويلاً لعدة طرق وعدة مراكز هاتفية، والأمر ذاته ينطبق على مشاريع توليد الطاقة الكهربائية والمشاريع الزراعية بصفتها مشاريع مولدة للدخل ومولدة لفرص العمل.
بالتأكيد لايوجد قطاع غير مهم، فالطريق مهم، والهاتف مهم، وتحسين المداخل والمرافق مهم، ولكن الأهم المشروع الذي يُمكن بعد تنفيذه أن يمول كل القطاعات الاخرى والتي يُمكن للمبادرات الخاصة والأهلية والقطاع الخاص أن تُنجز الكثير منها فيما لو توفرت قيادات محلية لمثل هذه المبادرات.
معد عيسى
التاريخ: الثلاثاء 30-4-2019
الرقم: 16967