صولجان السلطان في عجلات آستنة.. أردوغان يسقط في امتحان خفض التصعيد!!

 

في أجواء ومناخات من التصعيد والضغط الأميركي السياسي والاقتصادي والعسكري المتواصل بهدف إعادة الأمور في الشمال السوري إلى نقطة الصفر وعرقلة الحل السياسي المنشود في سورية، وعلى وقع تلكؤ وتراجع الجانب التركي ـ أحد الضامنين للحل السياسي في سورية وفق مسار آستنة ـ عن تنفيذ التزاماته ضمن اتفاق سوتشي بخصوص المنطقة منزوعة السلاح والإرهابيين في محافظة إدلب، عُقد نهاية الأسبوع الماضي في العاصمة الكازاخية نور سلطان ـ الاسم الجديد ـ الجولة الثانية عشرة من محادثات الدول الضامنة للحل وهي روسيا إيران وتركيا، حيث تضمن البيان الختامي لهذه الجولة الإعلان عن موعد الجولة القادمة من المحادثات وهو شهر تموز القادم، وكذلك الاتفاق على دعوة العراق ولبنان بصفة مراقبين لحضور هذه الجولة.
وفي الأمور التفصيلية التي تتكرر مع نهاية كل جولة جددت الدول الضامنة (روسيا وإيران وتركيا) التزامها بسيادة واستقلال ووحدة الأراضي السورية وضرورة مواصلة الجهود للقضاء على التنظيمات الإرهابية فيها». وطالب البيان بضرورة اتخاذ إجراءات محددة لخفض عدد انتهاكات وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد بإدلب.
وفي جديد البيان التأكيد على «ضرورة الالتزام بمبادئ وميثاق الأمم المتحدة وإدانة إعلان ترامب حول الجولان السوري المحتل الذي يخالف قرار مجلس الأمن /497/».
ولم ينسَ البيان أن يؤكد ضرورة « حل الأزمة في سورية عبر عملية سياسية يقودها السوريون وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.. ورفض الأجندات الانفصالية التي تهدف إلى تقويض سيادة ووحدة الأراضي السورية»، في إشارة إلى الانفصاليين الأكراد ضمن مرتزقة قسد.
غير أن الاتفاق على صياغة البيان الختامي لهذه الجولة لم يمنع من حدوث بعض التباين حول الدور التركي، إذ أعرب رئيس وفد الجمهورية العربية السورية للجولة الدكتور بشار الجعفري خلال مؤتمر صحفي عن هواجس سورية إزاء الدور التركي المراوغ والمشبوه في الأزمة السورية، وفي هذا الإطار أوضح الجعفري أن هناك إرهاباً في إدلب يقر به الجميع بمن فيهم وفد النظام التركي إلى اجتماعات آستنة، الأمر الذي يستلزم القضاء عليه نهائياً، مؤكداً أنه على الجانب التركي الالتزام بإخراج التنظيمات الإرهابية من إدلب وتنفيذ اتفاق سوتشي حولها.
ولفت الجعفري إلى أن كل ما تقوم به الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من إجراءات اقتصادية قسرية أحادية الجانب ضد سورية غير قانوني، لأنه لم يصدر بقرار من مجلس الأمن الدولي.. وهذه الإجراءات إرهاب اقتصادي يضاف إلى الإرهاب السياسي الذي تقوم به هذه الدول. وأكد الجعفري أن المعضلة في محادثات أستنة تتمثل في عدم جدية الجانب التركي في تنفيذ تعهداته والتزاماته، مشيراً إلى أن وجود أي قوات على الأراضي السورية دون طلب الحكومة السورية غير شرعي وعليها الخروج فوراً.
وقال إن تركيا تحتل نحو 6 آلاف كيلومتر مربع من الأراضي السورية رغم ادعائها الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادتها، مشيراً إلى أن النظام التركي أدخل عشرات راجمات الصواريخ للتنظيمات الإرهابية في إدلب ومواد سامة لاستخدامها ضد المدنيين واتهام الجيش العربي السوري بذلك.
في موازاة ذلك أكد الجانب الروسي صاحب الفضل الأكبر في إطلاق مسار آستنة منذ بدايته قبل عامين ونيف أن الجولة كانت مثمرة، وقال ألكسندر لافرينتييف المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سورية «لقد تم إنجاز المهام التي حددتها البلدان الضامنة لنفسها بشكل عام.. والشيء الرئيسي هو أنه لم يجر فقط تبادل وجهات النظر ذات الاهتمام المشترك بين المشاركين في المنتدى، ولكن أيضاً تم وضع المزيد من الخطوات المشتركة على مسارات مختلفة من التسوية السورية، مؤكداً أن بلاده ترى أنه تم إحراز المزيد من التقدم في المشكلات المتعلقة بمنطقة خفض التصعيد في إدلب السورية، لكنه ألمح إلى فشل المشاركين في الاتفاق على تشكيل اللجنة الدستورية السورية، غير أنه عاد ليؤكد «نحن في الطريق الصحيح نحو إطلاق اللجنة الدستورية السورية».
أما المبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسن فقد أعرب عن أمله باستمرار التقدم في عملية تشكيل اللجنة الدستورية السورية.
وقال في تصريح له: «يجب أن نسير خطوة تلو أخرى، ويجب أن نجد سبيلاً لكي نتفق على تشكيلة هذه اللجنة ومن ثم نبحث في كيفية بدء عملها».
تؤكد المعطيات السابقة جملة من الحقائق لعل من أهمها، أولاً حرص الأطراف المشاركة ولاسيما الروس والإيرانيون على استمرار هذا المسار السياسي لأطول فترة ممكنة كأداة وحيدة من أجل التوصل لحل في سورية وعدم رغبتها في اللجوء إلى الحل العسكري الذي يبدو أنه لا غنى عنه في النهاية للتعاطي مع الخطر الإرهابي الذي تنطوي عليه محافظة إدلب بعد سيطرة جبهة النصرة الارهابية عليها بشكل كامل، ثانياً مراوغة النظام التركي وعدم جاهزيته للانخراط في حل حقيقي في مقابل عدم وثوق الجانب السوري بالدور الذي يلعبه هذا النظام حالياً سواء في ملف إدلب أم فيما يخص الوضع في الجزيرة السورية، حيث ما يزال هذا النظام يحتفظ بأجندة خاصة للتدخل في سورية والبقاء فيها لأمد طويل بعناوين ومبررات مختلفة لا تنفصل عن أطماعه الإقليمية، إذ تشير طروحاته بشأن المنطقة الآمنة في الشمال السوري بالتعاون مع الاحتلال الأميركي ـ على سبيل المثال ـ إلى نية خبيثة تتجاوز الهواجس التي يروج لها بخصوص أمنه القومي، ثالثاً حرص الجانب الروسي على تخليص النظام التركي من هواجسه المزعومة وسحب الذرائع الكاذبة التي يرددها من بين يديه وإبقائه ضمن الأطراف المشاركة في الحل في سورية وعدم الدفع به مجدداً إلى الأحضان الأميركية، رابعاً امتعاض المشاركين من الدور الأميركي المعرقل للحل إن كان عبر تنصله من قرار الانسحاب من سورية أو عبر الاحتفاظ ببعض قواعده العسكرية في البادية السورية والحيلولة دون حل مشكلة مخيم الركبان، ومحاولته الإمساك بالورقة الكردية عبر منع «الأكراد» أو مرتزقة قسد من المشاركة في الحل والتخلي عن أوهامهم الانفصالية، مراوحة الدور الأممي حول العناوين التفصيلية نفسها التي لا تقدم ولا تؤخر وعدم تحرره من الضغوط الأميركية والغربية، خامساً الرغبة في إشراك أطراف جدد في الحل السياسي في سورية، وتجلى ذلك بدعوة»لبنان والعراق» إلى جانب الأردن للمشاركة باعتبارهم جزءاً من الجوار السوري.
ورغم أن بقية التفاصيل المتعلقة بالحل السياسي في سورية قد تم تأجيل بحثها إلى تموز القادم حيث تم الاتفاق على عقد جولة جديدة في نور سلطان، إلا أن الخروق المتكررة التي يقوم بها الإرهابيون لمنطقة خفض التصعيد انطلاقاً من إدلب وريف حماة الشمالي وإطلاقهم الصواريخ والقذائف على المناطق المدنية الآمنة وعلى قاعدة حميميم الجوية، قد تدفع باتجاه عمل عسكري واسع النطاق من الجيش العربي السوري وحلفائه في الأيام والأسابيع القادمة لإنهاء هذا الخطر الإرهابي المتفاقم هناك، حيث يبدو أنه لا جدوى من التعويل على النظام التركي الذي فشل في مغادرة لعبته المفضلة في الرقص على مختلف الحبال السياسية، وأدمن الكذب في مجال مكافحة الإرهاب، وما زال يراهن على الدور الأميركي للحصول على بعض المكاسب السياسية.
عبد الحليم سعود

التاريخ: الأربعاء 1-5-2019
رقم العدد : 16968

آخر الأخبار
"لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها