تطالعنا وسائل الإعلام بين الحين والآخر بعقد مؤتمرات نقابية لاتحاد نقابات العمال ،جلها يحكي قصة نضال ودفاع عن حقوق الطبقة العاملة وحقوق الوطن ،وهنا لابد من الاشارة إلى أن التاريخ الصناعي في سورية يعود إلى أول خيط نسجته اليد العاملة السورية ومنذ ذلك التاريخ بدأ النضال لتحقيق مطالبها المحقة ، ويعود نضال تلك الطبقة إلى عهد الاحتلال العثماني للوطن العربي منذ تكوين طوائف الحرف ونضالها ضد الولاة العثمانيين والتي اتسمت آنذاك بالمطلبية و إلى التحركات العامة الدمشقية والحلبية ،وفي مراحل متقدمه بدأ العمال استخدام شكل من النضال عبر الإضرابات للتعبير عن آرائهم ومطالبهم بحقوقهم المشروعة ورغم قرار منع الإضراب كانت هناك حالة من التلاحم النقابي والسياسي، ما جعل تلك المطالب وطنية بامتياز ضد المحتل، وفي العام1925 شهد ولادة أول نقابة وهي نقابة عمال التريكو تبعتها عدة نقابات منها نقابة الطباعة ونقابة النجارين …،وشهدت الفترة من 1929_1934 مرحلة هامة من مراحل النضال العمالي كانت السمة المميزة هي مرحلة الإضراب المنظم في كل المدن السورية التي شهدت تطورا صناعيا ثم انتقل النضال من مرحلة العفوية إلى مرحلة التنظيم ،كما نقلت النقابات من وضع الفردية إلى وضع الاتحاد العام، ولهذا تشكلت لجان في المحافظات السورية بقصد العمل على انجاز فكرة الوحدة النقابية ،وقد كانت المبادرة من اتحاد عمال دمشق الذي عقد مؤتمره التأسيسي الأول عام 1934 بصورة سرية وشكل اتحاد عمال دمشق الحجر الأساس للحركة العمالية السورية وتم عقد اجتماع في مقر الاتحاد في 18/8/1938وانتهى في 22 منه ،وليتحول هذا الاجتماع إلى مؤتمر تأسيسي أسفر عنه تشكيل الاتحاد العام لنقابات العمال ومقره دمشق الذي تقدم بمطالب عمالية مثل ضمان الحريات النقابية وتحديد ساعات العمل وتنظيم دفع الأجور في مواعيد ثابتة و….إلى المجلس النيابي لكن الحكومة الوطنية آنذاك لم تستجب بسرعة لهذه المطالب فكان التهديد بسياسة الإضرابات الوطنية فاضطرت الحكومة للجلوس على طاولة المفاوضات مع ممثلين عن العمال والتي أثمرت عن القانون 276لعام 1949ليضمن حق العمال لكن بشروط ،ورغم تلك الشروط اعتبر هذا القانون مكسبا هاما للعمال ،حيث عانى العمال نتيجة هذا الشكل من النضال من السجن والتعذيب …،ويعتبر العام 1956 ثمرة نضال الطبقة العاملة في الأقطار العربية ،ففيه تم تأسيس أول اتحاد دولي لنقابات العمال والذي انعقد مؤتمرة التأسيسي في دمشق وحضره ممثلون عن مصر ولبنان والأردن وليبيا والعراق ولينضم إليه بعد ذلك اتحادات عربية أخرى.
دور نضالي
كان للنقابيين في الاتحاد العام لنقابات العمال في سورية دور وطني كبير منذ نشأته في تحقيق الاستقلال إلى جانب فئات الشعب الأخرى ، وتعزز دوره الوطني بعد أن جاءت ثورة الثامن من آذار والتي اعتبرت العمال والفلاحين هدفا أساسيا للثورة و وقودها ولذلك اتجهت بكل عطائها لتلبية مطالبهم، وخاصة في تأمين فرص العمل وتوسيع القطاع العام بهدف التشغيل الاجتماعي،لا الاقتصادي وفي العام 1968صدر قانون العمل النقابي الذي قونن العمل النقابي بوجود المنظمات النقابية في كل مفاصل العمل حيث أصبح التنظيم النقابي مشاركا في مستوى القرار الوطني السياسي والقرار الاقتصادي وفي كل مجالس إدارات المؤسسات والشركات .
وجاءت الحركة التصحيحية لتعظم من دور الاتحاد في الكم والنوع، واليوم وفي ظل الهجمة الشرسة التي شنت وتشن على قطرنا منذ سنوات وقفت الطبقة العاملة موقفا مشرفا ووطنيا بجانب جيشنا الباسل وقوانا الوطنية الشريفة، ولتكمل دورها الوطني المشرف الذي اتخذته منذ نشأتها ولتسطر أروع البطولات في الدفاع عن منشآتها حيث قدمت الشهداء والجرحى، حينما كانت تتصدى لعبث تلك العصابات و تخريبها للمنشآت واليوم تعمل جاهدة على تلبية متطلبات الحياة في الإطار الخدمي والمعيشي ووفق إصرارهم على تأكيد انتمائهم للوطن،وتمسكهم بالثوابت الوطنية وأداء واجباتهم بقوة وإصرار لكسر تلك الهجمة الشرسة والعقوبات الجائرة بحق شعبنا الذي أبى إلا أن يكون حرا وكريما في وطنه .
يحيى الشهابي
التاريخ: الأربعاء 1-5-2019
رقم العدد : 16968