المسألة لا تحتاج لاستبيان أو استطلاع للرأي ولا حتى لتصويت، فالحلقات السبع الأولى من مسلسل (فلتان الأسعار) كافية لوحدها لانتزاع صدارة المشاهد غير المحببة بل المقززة لمشاعر أصحاب الدخل المحدود، التي تمّ بثّها يومياً (خلال الربع الأول من شهر رمضان) وعلى الهواء مباشرة من داخل وخارج أسواقنا المحلية حيث تحوّل ارتفاع أسعار المواد الأساسية والغذائية فيها إلى طقس سنوي يتواكب مع حلول الشهر الفضيل في كل عام.
ولعلّ اللافت ما قبل بداية رمضان هذا العام، هو العنتريات التي تناوب على إطلاقها أصحاب الفعاليات التجارية والصناعية والوعود والتطمينات والتأكيدات التي تناثرت حروفها في الهواء كالهباء المنثور بعد دقائق وليس أيام معدودة من اللقاء الذي جمعهم مع أهل الحل والربط في الوزارة المعنية والمكلّفة والمسؤولة عن حماية المستهلك، نعم المستهلك الذي أعيته وأصابته التخمة لكثرة وتنوع الوجبات الدسمة من التصريحات التي كانت وما زالت مزعجة جداً وغير مرضية لدخول وجيوب وموائد رمضان التي لم تعد كما كانت عامرة بكل ما لذَّ وطاب، والسبب طبعاً ومن دون أي منافس أو منازع هم شريحة التجار الذين يصدحون في مجالسهم العامة والخاصة بعدم تسجيل فقدان أي منتج في الأسواق، لكنهم يضطرون إلى بلع ألسنتهم والاختباء خلف أصابعهم عند الحديث عن الأسعار.
هذا هو المشهد العام لأسواقنا المكدّسة بالمواد والسلع والمنتجات التي تسرُّ عين الناظرين لها فقط ، لكنها لا تملأ معدتهم الخاوية من الطيبات، نتيجة حاجز الأسعار الذي ما زال يفصل بينها وبينهم، على مرآى ومسمع من عين وأذن الرقابة التموينية والتي تتردد حتى الساعة لأسباب لا أحد في العالم يعرفها سواهم عن سحب قوائمها السوداء من الأدراج، والتي بموجبها تستطيع بمشاركة ودعم ومؤازرة المواطن محاسبة ومعاقبة ومقاطعة كل من لم يشبع حتى من المتاجرة بلقمة عيش صاحب الدخل المحدود جداً، ليكون عبرة لغيره من حيتان الأسواق، كما كان في السابق قدوة لهم عندما تلاعب بمؤشر الأسعار، وساروا على خطاه.
عامر ياغي
التاريخ: الاثنين 13-5-2019
الرقم: 16976