مرحلة جديدة سيشهدها القطاع العام الغذائي تعتمد على الاستثمار الأمثل لكافة مكونات هذا القطاع في تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز مبدأ الاعتماد على الذات وتوفير السلع الضرورية للمواطنين بالسعر والجودة المناسبين ومواجهة الظروف الصعبة التي فرضتها العقوبات الاقتصادية الجائرة بحق الشعب السوري.
هي خطوات لاحقة لما أعلنت عنه الحكومة لمواجهة الإجراءات الاقتصادية القسرية التي تحاول بعض الدول فرضها على سورية تأتي في وقت أحوج ما نكون فيه لحلول بديلة تنهض بالوضع المعيشي للمواطن في ظل الظروف المعيشية القاسية التي يعانيها.
ويبدو أن أولى تلك الخطوات بدأت من خلال زراعة 506 آلاف هكتار من الأراضي التي تم تحريرها بسواعد أبطال الجيش العربي السوري والتي سينتج عنها عودة 261 ألف أسرة زراعية إلى قراها.
وهذا يدعونا لإعادة ملف القطاع الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي إلى سلم أولويات العمل الحكومي كما كان عليه الحال مع بداية الحرب على سورية للاهتمام بشكل أساسي بالزراعة التي عانت خلال سنوات الحرب والتي ستمكننا من إنعاش عدد كبير من المصانع التي أغلقت اعتماداً على مفهوم الصناعة الزراعية وجعله قطاعاً تنافسياً يعتمد على الميزة النسبية وتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.
هذا الأمر يدعونا إلى الربط بين الخطتين الزراعية والصناعية بشكل محكم وتحقيق الثالوث القائم على دعم الجهود الرامية إلى تحقيق الأمن الغذائي والوصول إلى منتجات صناعية زراعية ذات ميزة تنافسية قادرة على تأمين متطلبات السوق المحلية بالجودة والسعر المناسب وتصدير الفائض.
وما الاجتماع الحكومي الذي عقد نهاية الأسبوع الماضي لبحث واقع الصناعات الغذائية بشكل عام إلا فرصة لتوفير قاعدة بيانات صحيحة تساعد الفريق الحكومي على اتخاذ القرارات المناسبة وتفادي السلبيات القائمة وتنظيم الجهود وتوجيهها نحو تحقيق إنجازات أسرع وأكثر نوعية.
وهذا لن يكون إلا من خلال التخلي عن العقلية القديمة في إدارة الموارد الصناعية وتغيير آلية العمل القائمة بحيث يكون هناك خطوات استثنائية في كل مؤسسة تعتمد على تعزيز المزايا التفضيلية التي تتمتع بها هذه المؤسسات وصولاً إلى صناعات رابحة تلبي حاجة السوق المحلية وتتيح الاتجاه نحو التصدير.
الاعتماد على الذات يحتاج من الحكومة حتمية اتخاذ قرارات جريئة وغير تقليدية تصب باتجاه تأمين مستلزمات واحتياجات المواطن كأولوية حتى لو اقتضى ذلك إعادة توجيه مسارات الإنفاق في بنود الموازنة العامة بحيث يكون التركيز على المشاريع الإنتاجية والصغيرة مع الاستمرار بخطة إصلاح مؤسسات القطاع العام الاقتصادي.
عامر ياغي
التاريخ: الاثنين 3-6-2019
الرقم: 16992