عندما يقول الواقع

لستُ أدري من أين أتوا بهذه الفكرة التي لا يملّ أصحابها من الهجوم على قيام الدولة بإنتاج بعض الصناعات الغذائية، ويقولون: كيف يمكن للدولة أن تُضيّع وقتها وجهدها من أجل صناعة علبة دبس بندورة..؟ أو علبة لبنة أو لبن..؟ أو معكرونة..؟! هذه الصناعات الخفيفة يجب أن تُخلى ساحتها للقطاع الخاص وحده، وعلى الدولة أن تكتفي بالصناعات الثقيلة والمهمة، وأن تُركّز على التخطيط والإشراف العام.
إنّ أهمية الفكرة التي نطرحها – أي فكرة كانت – تأتي من خلال مدى انسجامها مع الواقع الذي نعيشه، ولا ندري كيف يمكن لمثل هذه الأفكار الدخيلة أن تنسجم مع واقع بلدٍ يعتمد بشكلٍ أساسي على الزراعة باقتصادياته..؟! فما فائدة الزراعة ومواسمها إن لم نكن قادرين على استثمار المحاصيل..؟
الذي لا شكّ فيه بأن للقطاع الخاص دوراً كبيراً يمكن أن يلعبه في هذا المجال، وها هي الأبواب مفتوحة لمزيد من الاستثمارات في الصناعات الغذائية، ولكنه يتباطأ كثيراً بالدخول إلى هذه الميادين، فكلنا يشهدُ سنوياً مجازر الحمضيات والبندورة.. وغيرها من المواسم، فما الذي فعله القطاع الخاص إزاء ذلك..؟ هل انتخى يوماً وبادر إلى إنهاء هذه المشكلات..؟ أبداً.. ولا يهمه هذا الأمر أصلاً، فماذا على الحكومة أن تفعل..؟ هل تبقى تنتظر وتتفرّج..؟
كلنا – على الأرجح – نقتنع بضرورة أن تتصرّف الحكومة، ويكون لها الدور الحاسم بمثل هذه القضايا، وفي لحظات معينة ينسى أصحاب تلك الفلسفات الاقتصادية الدخيلة ما يذهبون إليه، جراء الضجيج الذي يُحدثه فيض المواسم وصراخ أصحابها.
هذه الفلسفات الاقتصادية ندرك جميعاً أنها مستوردة، ويتباهى البعض بها رغم أنها لا تحاكي واقعنا الاقتصادي الزراعي إطلاقاً، هي فلسفات أطلقتها سياسات الخصخصة التي انطلقت في العديد من دول العالم، والتي أثبتت الوقائع فشلها بالكثير من المطارح، ثم بغض النظر عن نجاحها وفشلها فهي سياسات لا تناسبنا، ونعم.. علينا أن نقوم كحكومة بتصنيع كل ما يمكن تصنيعه من المواسم، فالمهم بالموضوع هو الجدوى، وهذه الصناعات الغذائية مجدية اقتصادياً واجتماعياً، ففي اجتماع رئيس الحكومة مؤخراً مع المؤسسة العامة للصناعات الغذائية في وزارة الصناعة تبيّن أن أرباح شركة ألبان حمص وصلت خلال نصف هذا العام إلى 250 مليون ليرة، ما يعني أنها ستربح على الأقل نصف مليار ليرة عند نهاية العام، وهي تقوم حالياً بتركيب خط جديد للجبنة المغلفة على شكل مثلثات سيعمل خلال الشهر القادم وهذا ما قد يقفز بأرباحها إلى المليار ليرة.
خير إن شاء الله.. لماذا ستستغني الدولة عن مليار ليرة من الأرباح هنا..؟ ولماذا تسخيف ما يمكن أن تستقطبه هذه الشركة أو تلك من فرص العمل أيضاً كمنعكسٍ كبير للجدوى الاجتماعية..؟!
صحيح أن علينا أن نطّلع على ما يقوله الآخرون.. ولكن ليس لنا أن ننفذ إلا ما يناسبنا.. وما يقوله الواقع.

علي محمود جديد
التاريخ: الاثنين 3-6-2019
الرقم: 16992

آخر الأخبار
New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق The national interest: بعد سقوط الأسد.. إعادة نظر بالعقوبات على سوريا بلدية "ضاحية 8 آذار" تستمع لمطالب المواطنين "صحافة بلا قيود".. ندوة لإعداد صحفي المستقبل "الغارديان": بعد رحيل الديكتاتور.. السوريون المنفيون يأملون بمستقبل واعد باحث اقتصادي لـ"الثورة": إلغاء الجمرك ينشط حركة التجارة مساعدات إغاثية لأهالي دمشق من الهلال التركي.. السفير كوراوغلو: سندعم جارتنا سوريا خطوات في "العربية لصناعة الإسمنت" بحلب للعمل بكامل طاقته الإنتاجية الشرع والشيباني يستقبلان في قصر الشعب بدمشق وزير الخارجية البحريني عقاري حلب يباشر تقديم خدماته   ويشغل ١٢ صرافا آلياً في المدينة مسافرون من مطار دمشق الدولي لـ"الثورة": المعاملة جيدة والإجراءات ميسرة تحسن في الخدمات بحي الورود بدمشق.. و"النظافة" تكثف عمليات الترحيل الراضي للثورة: جاهزية فنية ولوجستية كاملة في مطار دمشق الدولي مدير أعلاف القنيطرة لـ"الثورة": دورة علفية إسعافية بمقنن مدعوم التكاتف للنهوض بالوطن.. في بيان لأبناء دير الزور بجديدة عرطوز وغرفة العمليات تثمِّن المبادرة مباركة الدكتور محمد راتب النابلسي والوفد المرافق له للقائد أحمد الشرع بمناسبة انتصار الثورة السورية معتقل محرر من سجون النظام البائد لـ"الثورة": متطوعو الهلال الأحمر في درعا قدموا لي كل الرعاية الصحية وفد من "إدارة العمليات" يلتقي وجهاء مدينة الشيخ مسكين بدرعا