لم تكن مقولة «الثقافة هي الحاجة العليا للبشرية» التي أطلقها القائد المؤسس حافظ الأسد لتعبر دون الوقوف عند معانيها ونحن نعيد ذكرى رحيله، وأهمية أن تكون الثقافة هي حقا حاجة عليا بل وضرورة,وخصوصا في هذه المرحلة التي تشهد استهدافا ممنهجا لثقافتنا وتراثنا وهويتنا، ومحاولة القضاء على إرثنا الثقافي عبر تدمير آثارنا أو سرقتها من جهة، وغزو عقول الأجيال بثقافات لاتشبهنا من جهة أخرى.
وهنا ندرك أهمية أن يكون للشأن الثقافي ومؤسساته دور كبير في الحفاظ على إرث الأجداد وتطويره، هذا إلى جانب تبني مشروع ثقافي حضاري يسعى ضمن أهدافه إلى تفعيل دور المؤسسات الثقافية التي تنتشر في غير مكان من وطننا الحبيب، وتلك الصروح الكبيرة التي أشيدت في عهد القائد الخالد» دار الأسد للثقافة، مكتبة الأسد، المسارح، المراكز الثقافية..» وغيرها الكثير، من أجل خلق جيل واع لقضايا أمته.
واليوم إذ تعود ذكرى الرحيل ونحن نواجه أعتى أنواع الإرهاب، أكثر مانحتاجه أن نتمثل القيم والأسس التي أرسى دعائمها المتينة والمبنية على تكريس مفهوم المحبة والتسامح بين أبناء الوطن، لأن المحبة هي السلاح الأقوى الذي يمكن أن نواجه به إرهاب العالم جميعه، وأن تكون الثقافة سلاحنا الأمضى في وجه كل من يحاول أن يعيث فسادا في البلاد.
ولايمكن بالطبع تجاهل الدور الذي تقوم به مؤسساتنا الثقافية في هذا الشأن، فمن يتابع إصدارات وزارة الثقافة وفعالياتها على مدار العام جميعه وفي المناسبات كافة، يدرك حجم الجهود التي تبذل من أجل النهوض بالشأن الثقافي، والعمل على بناء إنسان حضاري واع يستوعب حضارات الآخر ويتفاعل معها دون الانصهار بها، بل الانتقال عبرها إلى حالة مجتمعية ترتقي بالمجتمع ومكانته ليكون كما عهدنا به يسابق الدول في ركب حضاراتها.
وربما خطواتنا الأولى تبدأ اليوم من قدرتنا على تجاوز جراحاتنا، والانتقال إلى تمثل ثقافة المحبة والسلام ليكون حصادنا وافرا من العمل الجاد المبني على حب الوطن والنهوض به من جديد، لأن الأوطان لاتبنى إلا بسواعد أبنائها، وقلوبهم العامرة بالحب والوفاء.
فاتن دعبول
التاريخ: الاثنين 11-6-2019
الرقم: 16997