في رحلة السقوط وبيع الأوطان تبدو العمالة والارتهان للعدو الذي يحتل الأرض ويغتصب الحقوق ويمارس العربدة والعدوان، جزءاً لا يتجزأ من مواصفات بعض المعارضين (الثورجيين) الذين يتهافتون على الكيان المحتل لتقديم فروض الطاعة وتسليم أوراق اعتمادهم له كأدوات رخيصة جاهزة للاستخدام في كل وقت وكل زمان وعند اللزوم والحاجة، بالتزامن مع مهرجانات التطبيع المجانية الهزلية التي ينظمها عربان الاعتدال أو (حراس النفط) كجزء من (صفقة القرن) إرضاءً للسيد الأميركي القابض على أرواحهم وثرواتهم وقرارهم وعروشهم ومستقبلهم.
منذ أن بدأت الحرب الإرهابية على سورية عام 2011 لم تتأخر ما تسمى زوراً وبهتاناً (المعارضة السورية) في الكشف عن وجهها الحقيقي البشع، وذلك من خلال إرسال بعض رموزها إلى الكيان المحتل لتسول دعمه ومساندته في رحلة بحثها العبثية عن كراسي الحكم والسلطة والثروة في سورية ولو كان ذلك على جثث أبناء وطنهم، وقد بلغ الانحطاط الأخلاقي ببعضهم ــ والبعض هنا حالة قابلة للتعميم ــ أن يعرض جزءاً غالياً من وطنه (الجولان العربي السوري المحتل) كهدية للاحتلال في مقابل الحصول على وعد بالدعم أو الحماية الصهيونية التي تؤمن له العودة الملطخة بالعار إلى البلد الذي ساهم في تدميره وقتل أبنائه جنباً إلى جنب مع الصهيوني والتركي والأميركي والوهابي والإرهابي بكل تنوعاته ومسمياته.
وفي آخر تجليات هذا السقوط المدوي لـما يسمى (المعارضة) المرتهنة للخارج زار وفد منها مؤخراً تل أبيب عاصمة الكيان المحتل متسولاً وضع وطنه تحت وصاية دولية، وهي ليست الزيارة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يقوم بها مثل هؤلاء العملاء لإراقة ماء وجوههم الملطخة بالعار على إسفلت الاحتلال الغاشم، إذ سبق لوفود أخرى أن (حجت) إلى الكيان بعد أن تحول أعضاؤها إلى أعداء موصوفين لوطنهم وشعبهم وأمتهم.
وفي جديد العملاء الجدد الذين يعرضون خدماتهم مبادرة (سلام) أطلقوا عليها (المبادرة السورية الإسرائيلية) وكأني بهم يحملون مبادرة خليجية مشتقة من تصريحات مسؤولين خليجيين وضعوا أنفسهم في خدمة الأميركي لاستكمال الصفقة الملغومة (صفقة القرن) ولكن فاتهم أن مساعيهم الخبيثة هذه لن يكون لها أي قيمة عند العدو لأنهم لا يمثلون أحداً في سورية وليسوا معروفين أصلاً، بل سيتم استثمارهم إعلامياً كجزء من المخطط الإسرائيلي الذي يروج لرغبة عربية بالصلح مع الكيان الصهيوني وفق الشروط التي يضعها، ومسؤولو الكيان الذين استقبلوهم يعرفون أكثر من غيرهم أن هؤلاء لا وزن سياسي لهم وأنهم محتقرون بنظر شعبهم ووطنهم لأنهم يبيعون أرضهم وعرضهم وكرامتهم بوهم لا يستطيع الإسرائيلي تحقيقه، فلو كان الإسرائيلي قادراً على تحقيق أوهامه بالسيطرة الأبدية على الجولان السوري المحتل لما جنّد ترامب وإدارته من أجل الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية عليه.
تكرار مثل هذه الزيارات تكشف عن محنة (المعارضة) وعجزها عن تحريك ساكن على الأرض، وكذلك عن محنة الكيان الصهيوني الذي يلجأ لمثل هؤلاء العملاء الصغار من أجل الترويج لوجوده غير الشرعي في منطقتنا، واستغلال زياراتهم الذليلة من أجل إقناع العالم أنه حمامة سلام في المنطقة بدليل تهافت الوفود العربية عليه لإعلان رغبتهم بالتطبيع معه، ولكن الحقيقة في مكان آخر فهؤلاء لا يمثلون أمة ولا يمثلون شعباً، بل مجرد أدوات صغار في مشروع أميركي صهيوني خليجي مستمر في التعثر والسقوط ولا مجال لإنقاذه.
لقد حاول الكيان الصهيوني منذ بدء الحرب الإرهابية على سورية استخدام الجماعات الإرهابية التي كانت في المنطقة الجنوبية على تخوم الجولان المحتل كحزام آمن لأطماعه في الجولان ونسج مع متزعميها علاقات وطيدة وأمدها بمساعدات عسكرية و(إنسانية) على حد زعمه من خلال علاج الآلاف من المرتزقة والإرهابيين في مستشفياته ومراكزه الصحية حيث تؤكد بعض المصادر أن جميع النفقات والتكاليف قدمتها قطر والسعودية، ولكن كل محاولاته فشلت وقد عاد الوضع على تخوم الجولان كما كان في السابق بعد أن طرد الإرهابيون من هذه المنطقة، في حين عاد الجولان العربي السوري إلى صدارة المشهد بعد قرار ترامب الأحمق، وسيظل الجولان عربياً سورية وسيعود إلى وطنه الأم سورية مهما حاول الاحتلال، وليس جنوب لبنان الذي فر منه العملاء أذلاء مهزومين وعاد إلى وطنه سوى النموذج الذي يخشاه الإسرائيلي وهو يخشاه فعلاً.
عبد الحليم سعود
التاريخ: الخميس 13-6-2019
رقم العدد : 16999