عندما دخل الفلسطينيون في النفق المظلم الذي حفره لهم أجداد كوشنير الصهاينة البريطانيون قبل أكثر من مئة سنة، لم يكن الأمر رغبة منهم، ولكن المؤامرة الصهيونية العالمية التي كانت تحاك في العواصم الأوروبية الاستعمارية آنذاك، هي التي حاصرتهم من كل الاتجاهات ليكونوا ضعفاء في مواجهة مخطط استعماري استيطاني عنصري، لم يعرف له التاريخ مثيلاً.
ورغم الضعف الاقتصادي والعسكري والسياسي أيضاً للفلسطينيين كل هذه العقود الطويلة، إلا أنهم كانوا دائماً أقوياء بإرادتهم ومقاومتهم للاحتلال الصهيوني، وفجروا ثورات وانتفاضات خلخلت أركان الاحتلال في عدة مراحل، وواجهت عين المقاومة الفلسطينية مخرز آلة القتل الإسرائيلية، ولم تغرها يوماً رؤية كل أموال «البترودولار» المنثورة بيد أعراب الخليج ابتهاجاً وسروراً بانتهاك شرف العرب والمسلمين المسجد الأقصى وحاضنته القدس الشريف.
اليوم وبعد قرن من الزمن على مواجهة الفلسطينيين ومعهم محور المقاومة، ممن لم يفرطوا بفلسطين ولا بجميع الأراضي العربية التي احتلها الكيان الصهيوني بالتعاون مع شركائه الأميركيين والأوروبيين خلال حروبه العدوانية الماضية، أو التي استولى عليها المستوطنون الزراعيون قبل تأسيس كيان الاحتلال بفترة طويلة، يطل علينا المرتزق ترامب وجوقته وفي عقر دار المرتزق من أموال شعوبهم، وفي جعبته 50 مليار دولار تُقدم معظمها أنظمة الخليج، في محاولة منه لإغراء الفلسطينيين كونه تاجر وخبير بالبيع والشراء.
ومن السهل أن يجلس كل الذين اجتمعوا في «ورشة البحرين» المذلة كشهود زور، ومن السهل عليهم أيضاً أن يقدموا خطابات منمقة ومناقشات يعتقدون أنها ستجلب لهم دعماً لطمس القضية الفلسطينية، ولكن من الصعب جداً، بل من المستحيل على أي كان، أن يسلب شعباً حقوقه وإرادته وعزته وكرامته، والتي تعد الأرض أسها وأساسها.
وعليه.. نقول لمهندس «خطيئة القرن» صهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنر: إن الشعوب لديها صناديقها المملوءة بالتجارب والمثل والأفكار والمبادئ وغيرها الكثير، وقبل كل ذلك إرادتها وتصميمها بمقاومة الاحتلال الصهيوني الإرهابي حتى تحرير آخر شبر مغتصب، ونؤكد له أن الصندوق الذي يطالب الفلسطينيين أن يفكروا من خارجه، لا يتطابق مع صندوقهم ومبادئهم.
راغب العطيه
التاريخ: الخميس 27-6-2019
رقم العدد : 17010