الولايات المتحدة وإيران بين الحرب واللاحرب

 

 

دفعت إيران الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى حافة الهاوية، وذلك بتصعيد مستوى التوتر إلى ذرا جديدة في الشرق الأوسط فبعد حادثة ناقلات النفط الأربعة في ميناء الفجيرة الإماراتي، وحادثة ضرب خط نفط (آرامكو)، وحادثة ناقلتي النفط اللتين هوجمتا في خليج عمان، أسقطت قوات الحرس الثوري الإيراني (التي أضافتها الولايات المتحدة على قائمة المجموعات الإرهابية) طائرة بدون طيار للبحرية الأميركية، وبعثت بذلك برسالتين واضحتين، الأولى، هي أن إيران مستعدة لخوض أي حرب شاملة مهما تكن العواقب، والثانية أن إيران تدرك أن ترامب في ورطة، ولاسيما أن الهجوم المربك قد حصل فجأة وبعد أسبوع من انطلاق حملته الانتخابية.
وحسب مصادر مطلعة، رفضت إيران رفضاً قاطعاً عرضاً قدمته الاستخبارات الأميركية يتضمن السماح للأميركيين بقصف هدف أو هدفين أو ثلاثة تختارها إيران ليخرج البلدان رابحين، ولكي يحفظ الرئيس ترامب ماء وجهه، وكان الجواب الإيراني: كل ضربة حتى وإن كانت موجهة إلى مكان خال، فإن الرد سيكون بإطلاق صواريخ على أهداف أميركية في الخليج.
إيران لا تنوي مساعدة ترامب للنزول عن الشجرة التي تسلقها، وتفضل أن يبقى ترامب مرتبكاً ومحاصراً، وتتمنى إلى أقصى الحدود ألا يفوز ترامب بولاية ثانية، بل ستعمل كل ما في وسعها ليخرج من البيت الأبيض في نهاية ولايته الحالية عام 2020.
زد على ذلك، أن إيران جهزت مركز قيادة مشتركة لإعلام حلفائها في لبنان وسورية والعراق واليمن وأفغانستان بأي إجراء تتخذه ضد الولايات المتحدة في حال اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط، كما ضاعف حلفاؤها من مستوى التحضيرات .
وقد أكدت المصادر أيضاً أنه في حال نشوب حرب، فإن إيران ستعمد إلى وقف شريان النفط المتدفق من الشرق الأوسط، ولن يكون باستهداف ناقلات النفط، بل بضرب منابع النفط، والهدف هو وقف كل صادرات النفط الشرق أوسطية عن باقي العالم.
من جانبه، يبحث ترامب عن بوابة للخروج وتهدئة التوتر الحالي، دون أن يملك الجرأة على اتخاذ قرار يخفف بموجبه العقوبات المفروضة على إيران، فالرئيس الأميركي هو من أشعل الأزمة الراهنة بخروجه من الاتفاق النووي مع ايران بناء على طلب بنيامين نتنياهو الذي يريد أن تظل ايران رازحة تحت وطأة العقوبات القاسية التي فرضتها الولايات المتحدة، هذا الوضع وإن كان يساعد ترامب خلال حملته الانتخابية، إلا أن له آثار مدمرة على إيران.
ومما تقدم يستنتج، أن إيران تواصل رفض العرض الذي يظهر ترامب رابحاً بضربه لمواقع إيرانية، ولاسيما الموقع الفعلي الذي انطلق منه الصاروخ الذي أسقط الطائرة الأميركية دون طيار.
يريد ترامب الفوز بحرب الاستعراضات والمظاهر، غير أن إيران لا تبدي تفهماً، وقد غاب عن ذهنه أن الحظر الاقتصادي هو عمل من أعمال الحرب، فالحصار الأحادي، ومنع إيران من تصدير نفطها وشل اقتصادها هو بمثابة إعلان حرب.
ورداً على الحوادث الأخيرة،نشرت الولايات المتحدة تعزيزات محدودة في الشرق الأوسط، وحسب المصادر فإن هذه التعزيزات تشمل تجهيزات مثل طائرات دون طيار، وقوة ضاربة للتدخل في حال وقوع هجوم جديد على ناقلات النفط.
الرسالة الإيرانية التي صاغها العام الماضي الرئيس الإيراني حسن روحاني وسياسيون وعسكريون والتي كانت: إذا لم نستطع تصدير نفطنا فإن أحداً لن يكون بمقدوره ذلك، ويبدو أن هذه الرسالة لم تصل إلى مسامع الرئيس الأميركي ترامب.
وسائل الإعلام الأميركية أكدت أن الرئيس ترامب سمح بتوجيه ضربات عسكرية ضد إيران ثم ما لبث أن تراجع عنها قبل أقل من ساعة من بدء التنفيذ، وإليكم ما جرى فعلياً:
أخطرت ايران مسبقاً بعرض الاستخبارات الأميركية لاختيار هدف أو هدفين من الأماكن الخالية والتي يمكن للولايات المتحدة قصفها، ما يتيح لكل الأطراف المعنية الخروج من الورطة وحفظ ماء الوجه لكن إيران رفضت ممارسة هذه اللعبة، والتي هدفها حفظ ماء وجه ترامب، وأدركت إيران أن العرض يعني أن الولايات المتحدة لا تنوي خوض حرب، بل تبحث عن وسيلة للخروج من مأزقها، وأن ترامب يبحث عن بوابة خروج.
يعاني الاقتصاد الإيراني نتيجة الحظر المفروض على صادراتها النفطية، ترامب يرفض رفع الحظر ويريد أن يفاوض أولاً وعلى النقيض من (إسرائيل) وصقور الإدارة الأميركية، يسعى ترامب إلى تفادي الحرب لكن نتنياهو كرر رغبته في الحرب ضد إيران ويتفق معه حلفاؤه من العرب، وكما أوضحت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية أن المعضلة الحالية هي دفع ترامب لدخول الحرب ضد ايران وتجنيب دخول (إسرائيل) على خط المواجهة.
إنها رغبة ترامب في تفادي الحرب والتي باتت محسوسة من خلال زيادة الضغط على إيران، فهو يدرك أن الولايات المتحدة ستكون في وضع غير مريح، إذا ما انطلقت الصواريخ الإيرانية على الإنتاج النفطي في الشرق الأوسط، إيران من جانبها وضعت الرئيس الأميركي أمام حلين لا ثالث لهما: إما إنهاء الحظر المفروض على صادرات النفط الإيراني أو الذهاب إلى الحرب وقد علمت المصادر أن المستقبل غير مضمون والوضع خطير جداً على المنطقة والاقتصاد العالمي، لأن إيران لا تنوي التخلي عن مخططاتها الرامية إلى وقف إبحار الناقلات إذا لم تتمكن من تصدير نفطها.
ايران والولايات المتحدة في حالة حرب على المستوى الاقتصادي، وللخروج من هذه الأزمة، يتوجب على ترامب إغماض عينيه وترك أوروبا ترفع الضغط الاقتصادي الذي تتعرض له ايران دون تطبيق عقوبات على الشركات الأوروبية المعنية، ودون ذلك فإن كارثة إقليمية وعالمية ستحدث حتماً.
موندياليزاسيون

بقلم: ايلجيا ماجنيه
ترجمة: حسن حسن
التاريخ: الخميس 4-7-2019
رقم العدد : 17016

آخر الأخبار
وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص