فوق الموت عصة القبر, هكذا يرددون في الامثال الشعبية, مع ان أحدا ما لم يعد من الموت ليخبرنا عن العصة هذه وما تؤول إليه, تذكرت هذه العصة المزعومة وأنا أتابع الكثير مما يقال في الإعلام السوري, بكل ألوانه وصنوفه, لم يبق احد في العالم, عدو وصديق, إلا وأدلى بما لديه بشأن هذا الإعلام, من العمل على تمزيق روابطه مع الجمهور إلى نقده بسكين مثلومة, إلى أن يصح القول بكل صراحة: وحدهم الإعلاميين السوريين لايعرفون شيئا عن الإعلام كما تم تصويرهم.
أمر غير عادي, ولاطبيعي أن تغدو أنت الخصم, وانت المتهم, وتعرف أنك لم تقصر بشيء حسب الطاقات المتاحة لك, تعرف أن الأمر غير ما يقولون ويروجون, ومع ذلك لابد من أن تمضي مع الركب إلى النهاية, الركب الذي يهمك وتريده, من هنا كانت الشجاعة أن يعقد التلفزيون السوري قناة الإخبارية حلقة نقاش حول ذلك, والشجاعة الأكثر أن تكون الآراء التي طرحت في الكثير منها ليست دقيقة, وفيها من التجني ما يكفي, ومع ذلك تم عرضها, ولم تقاطع أبدا, بكل الشجاعة كان الزملاء يردون بدقة ومنطقية عليها, ومع هذا يمكن القول: إننا اليوم بحاجة حقيقية إلى وضع ضوابط جدية للنقاش, لابد من تحديد نقاط القوة لتعزيزها, والعمل على كشف الخلل أينما كان.
ترى هل من يظن أن الآراء التي يتم استطلاعها هي بالدقة التي تحدد مسير واتجاه أي إعلام, المتابعون على تعدد شرائحهم ليسوا المعيار الحقيقي لرسم أي توجه, هناك استراتيجيات عليا تحدد وتمضي بالاعلام إلى ما يجب أن يكون, هل سأل أحدهم نفسه: هل قادر الإعلام على أن يأتي بمسؤول ما ليفي بوعوده, وهل الإعلام أداة تنفيذ أم رقابة ؟
بكل الأحوال: وفي حرب ضروس بكل المقاييس وأكثر وسائل الإعلام العالمية شراسة وتطورا وعداوة تحاصرنا, ومع ذلك يتصدى لها الإعلام السوري وينجح, ويتابعه السوريون, يعني ذلك بكل ثقة أنه ناجح بغض النظر عما عليه, وليست النسب صادمة أبدا, بل هي مبشرة ودليل على الوعي.
في ظل وجود طوفان وسائل التواصل الاجتماعي, يعني أن ثمة من يتابع ويثق, وهذا أساس حقيقي علينا البناء عليه, والإعلام قدم أمثولة تحتذى فيما عرضه من نقاشات, هذه حالنا, وهذا ما يرده المتابعون, هذا وجعنا, هذه المآخذ علينا, النقد من أجل البناء, فكونوا أنتم هكذا, كإعلام سنأخذ بما يقدمه الجمهور, فهل تفعلون أنتم, هل ستسمع الجهات الأخرى لملاحظات الجمهور على ادائها.. نأمل أن يكون.
d.hasan09@gmail.com
ديب علي حسن
التاريخ: الاثنين 22-7-2019
الرقم: 17029