«أنا صهيوني حتى العظم، إسرائيل البلد العظيم الذي أحبه»، «إيران السبب في هذا الجنون»، «نحن ندعم إسرائيل بشكل دائم». قال بوريس جونسون.
هل هذه شعارات ينبغي أن يرفعها كل مُرشح في أميركا والغرب لينجح بالانتخابات؟ أم إنها عبارات وكلمات مفتاحية ليَضمن النجاح؟ أم تُمثل أوراق الاعتماد التي يجب تَقديمها رسمياً ومباشرة؟ يُعتقد أنها كل ما تَقدَّم، تَجمع بينها، وهي من وجوب الواجب. مَن يُشكك بهذه النظرية الواقعية عليه أن يعود إلى تصريحات كل الرؤساء الأميركيين، الذين نجحوا والذين لم ينجحوا، أوباما، كلينتون بيل وهيلاري، ترامب، بايدن، آل غور، بوش الأب والابن.. الخ.
عودوا إلى تصريحات ميركل، بلير، برلسكوني، أولاند، ماي، ساركوزي .. الخ، الجميع استخدم كلمة مرور واحدة. كلمة السر – أعلاه – التي أطلقها جونسون، ليست استثناء، بل هي بمنزلة القاعدة التي تُطبق على الجميع في الغرب الذي يقع في أسر الصهيونية، الذي يَخشى تُهمة مُعاداة السامية الجاهزة، والذي سيبقى لوقت طويل ربما يُكفّر عن قصة المحرقة المزعومة.
منذ الجولة الانتخابية الأولى مروراً باللاحقات، وصولاً إلى الجولة الخامسة، بل بأثناء كل الجولات الانتخابية التي تَخطاها جونسون بنجاح، وبفارق أصوات يَتجاوز الضعف مُتقدماً على مُنافسه جيرمي هانت، كان جونسون يُحلّق بجناحي، الولاء لإسرائيل والعداء لإيران وفلسطين، وبالموقف من بريكست والالتصاق أكثر بسياسات ترامب تجاه سورية، تجاه الخليج، وتجاه روسيا وعدد من الملفات الدولية المَطروحة.
شأنه أن يُمارس السياسة بجنون يُوازي أو يَسبق جنون ترامب. إنهاء مسألة الخروج من الاتحاد الأوروبي بحلول تشرين الأول القادم خروجاً أم بقاء، هو خياره، يُوحد بريطانيا مُتعقباً خطوات ترامب بـ»أميركا أولاً» أم يَتفرغ لتصفية حزب العمال وإخراجه من الحياة السياسية، شأنه ومعركته.
لا تَعنينا كمُجتمعات ودول تبعد آلاف الأميال عن بريطانيا وأميركا وسواهما في الغرب – لا تعنينا – السياسات الداخلية لهذه الدول، ولا حتى الخارجية منها ما لم تتدخل بشؤوننا، وما لم تَنطوِ على مُخططات ومشاريع عدوانية تَستهدفنا، وما لم تُبدِ الانحياز لعدونا والتبني لسياساته العنصرية، وما لم تُمارس البلطجة بذريعة ومن دون ذريعة. ولكن ..
يَعنينا كثيراً أن نُشكل موقفاً صلباً من هذه السياسات عندما تتعرض لنا ولباقي المُجتمعات الأخرى الحليفة والصديقة، بل يَعنينا أكثر أن نُدقق ليس بالشعارات وكلمات السر والكلمات المفتاحية التي تَحمل هذا أو ذاك إلى السلطة، وإنما يعنينا التدقيق بنسبة المشاركة بالانتخابات، وبعدد الأصوات التي حصدها المرشحون من مُجتمعهم الأصلي، ذلك أن التطرف والعدوان لا يَعكسان بهذه الحالة فقط تطرف وجنون المُرشح الناجح بالانتخابات، وإنما يَعكسان حقيقة أن هذه المُجتمعات مُتطرفة، وإلّا فلما انتخبته واختارته كمُرشح!.
بوريس جونسون نجحَ بانتخابات تجاوزت نسبة المشاركة فيها 87 % وحصد 92 ألف صوت مقابل 46 ألفاً لخَصمه، هانت، وهو ما يَعني أنّ من صَوّتَ له يُوافق بشدة على خياراته الداخلية، ويُؤيد بقوّة سياساته الخارجية التي أعلن عنها بالجولات الانتخابية. «صهيوني للعظم» ليست شعاراً فقط، بل ستُترجم بالفعل والأداء السياسي والعملي!.
لكم أن تتصوروا قوّة الدفع التي سيَتلقاها نتنياهو، ترامب، وجاريد كوشنر. ولكم أن تُقدروا حجم فرحة الأعراب. وأما نحن فلم نُراهن مرّة إلا على قوتنا وإيماننا بقضيتنا، نَنظر بموضوعية لما يجري، لا نُهول، لكننا لن نَهون أو تَفتر عزيمتنا، نَعرف حجمَ التحديات، نُحاكيها بثبات، نَقضمها بثقة، ولن نَقبل بأقل من هزيمة قوى الغرب المُتصهين، الرأسمالي المُتوحش، وردعه.
علي نصر الله
التاريخ: الخميس 25-7-2019
رقم العدد : 17033