الإعلام المرتبط

يعتقد البعض أن ثمة أمشاجاً من الإعلام الرسمي أي إعلام الحكومة وإعلام الدولة المتحرر من كل أشكال الضغط والتوجيه والتحكم والإعلام الخاص المفترض أنه المتحرر من كل أشكال الارتهان وأعتقد أن هذه التصنيفات لم تعد كافية للتوصيف لا بل إن ثمة نموذجاً آخر من الإعلام وهو من وجهة نظرنا أخطرها وهو الإعلام الذي يلبس لبوس الإعلام الحر والخاص ويسوِّق نفسه على هذا الأساس في عملية خداع للجمهور عبر الإيحاء بالحيادية والمهنية وتسليط الضوء على كل القضايا بلغة محايدة لجهة استجماع وكسب جمهور واسع وحيازة ثقته وصولاً للهدف المطلوب وهو التسويق الذكي لبعض الأفكار والمفاهيم والمواقف التي تخدم الاستراتيجية المبطنة لتلك الوسيلة الإعلامية المخادعة.
وإذا كان السؤال ما الوسيلة أو الآلية المتبعة في عملية الخداع والتضليل تلك، فالمسألة في غاية البساطة حيث تظهر تلك الوسائل ابتداء الانحياز إلى جانب قضايا تدخل في اهتمامات الرأي العام وثوابته سواء أكانت سياسية أم فكرية أم اجتماعية وغيرها بل والمبالغة في التأكيد عليها والتمسك بها ثم تبدأ بعد ذلك عملية التخدير المغناطيسي الجماعي عبر التفريغ المتدرج لشحنة الحماس تلك وصولاً إلى حالة من اليأس الجماعي والإحباط والهزيمة النفسية وفقدان الأمل بتحقيق أي حد أو مستوى من النجاح أو الانتصار وهذا يمثل الهدف الحقيقي والنهائي الذي تسعى وتشتغل عليه.
إن تبني بعض وسائل الإعلام ولا سيما القنوات الفضائية الوازنة الخاصة لبعض الأسماء من مدعي الثقافة والفكر والتحليل السياسي وتسويقهم على أنهم نخب فكرية وسياسية قادرة على التأثير في الرأي العام وتشكيل وعي شعبي مطابق لرؤيتهم أو قراءتهم للأحداث هو وهم كبير وكذب على الذات هدفها السمسرة الإعلامية والابتزاز السياسي ومحاولة يائسة لتسويق بضاعة فاسدة ومسوق أكثر فساداً لجهة أن المطبخ المسوق لا يعدو كونه وكراً من أوكار الأجهزة التي تعمل لخدمة أجندة معينة هي بالتأكيد ليست وطنية وإنما جيب ناشز في جسم مؤسساتي يفترض أنه يمتلك من الحصانة ما يجعله بمنأى عن هكذا اختراقات.
لقد تحولت بعض وسائل الإعلام ومكاتبها في بعض الدول إلى بؤر استخباراتية خطيرة تقوم باستقدام واستضافة وتلميع أسماء معينة وبالتالي محاولة تسويق ما تحمله من أفكار لا تنسجم بالضرورة مع المصلحة الوطنية والسلم الاجتماعي القائم على عقد توافقي تاريخي متناغم وذلك باستخدام خطاب ولغة أقل ما يقال عنها إنها غرائزية مستدعاه من لحظة صراعية وعابرة في تاريخ الأمة يراد لها اليوم أن تكون بمثابة الفتيل أو مشعل الحريق الذي يحدث من مستصغر الشرر، ولعل أخطر ما يمثله ذلك النوع من الخطاب هو التعامل مع التاريخ وأحداثه وحقائقه على أنها قطع أحجار من ركام يعاد بناؤها بكيفية معينة تخدم أجندة خبيثة تشتمُّ منها رائحة شعوبية مقيتة.
إن محاولة التلحف ببعض العناوين والقضايا التي تشكل لدى الجمهور قضايا وجودية لها درجة القداسة وادعاء الانتصار إليها والسعي لتحقيقها والانحياز إلى حامليها وتظهيرهم إعلامياً سواء أكانوا ساسة أم مثقفين وصناع رأي عام ثم استثمار أولئك ذاتهم عبر اعتماد خطاب محبط ويائس ومهزوم يؤدي بالنتيجة إلى هزيمة افتراضية، هو أخطر ما يواجهه الجمهور العربي ولا سيما أن أغلب المحطات الوازنة على الضفتين ترتبط بشكل أكيد وواضح بأجندات خارجية لا تخدم حتماً قصايا أبناء الأمة وشعوبها وأوطانها من هنا يصبح المثال الشعبي المعروف – زيوان الأهل ولا حنطة الغريب – هو الحل الراهن وليس الاستراتيجي في رحلة البحث عن إعلام شعبي منحاز لقضايا الناس ومتحرر من سطوتي الحكومة أو الإعلام الخارجي المرتبط والمشبوه.
khalaf.almuftah@gmail.com

خلف علي المفتاح
التاريخ: الاثنين 29-7-2019
الرقم: 17036

آخر الأخبار
المحامي عبدالله العلي: آلية الانتخابات تحاكي المرحلة وبعض الدوائر تحتاج زيادة في عدد "الناخبين" تطوير صناعة الأسمنت محلياً.. أولوية لإعادة الإعمار استعراض أحدث التقنيات العالمية في صناعة الأسمنت وتعزيز الشراكات الانتخابات التشريعية خطوة راسخة في مسار بناء الدولة الحديثة تعزيز الوعي الديني وتجديد الخطاب الدعوي.. تبادل الخبرات في المجالات الدعوية والتعليم الشرعي مع السعودية مهرجان "ذاكرة القدموس" للتراث اللامادي يختتم فعالياته الانتخابات البرلمانية.. آمال بتغيير النهج التشريعي وترسيخ الشفافية سوريا تشارك باجتماع مجلس إدارة الاتحاد العربي الرياضي بالقاهرة      تطلع أردني لتدريس مهن الطيران في سوريا يفتح آفاقاً جديدة   "سوريات" يسقطن الحواجز ويعملن سائقات "تكسي"  مستقبل سوريا يُنتخب.. والشمال يشهد البداية صيانة طريق أتوستراد اللاذقية- أريحا عودة 70 بالمئة من التغذية الكهربائية لمدينة جبلة وقفة تضامنية لأهالٍ من درعا البلد مع غزة "الصحة العالمية": النظام الصحي في غزة مدمر بالكامل  تعزيز استقرار الكهرباء في درعا لتشغيل محطات ضخ المياه الرئيس الشرع يصدر حزمة مراسيم.. تعيينات جديدة وإلغاء قرارات وإحداث مؤسسات  انتخابات مجلس الشعب محطة فارقة في مستقبل سوريا  مرسوم رئاسي باعتماد جامعة إدلب.. خطوة استراتيجية لتعزيز التعليم العالي