لا أحد يُشكّك – على الأرجح – بأهمية أن تكون ذراعه قوية، فالذراع القوية يمكن استثمارها بالدفاع عن الكيان، وبحمل احتياجاته ومتطلباته، والكثير من الأشياء السهلة والصعبة التي يحتاجها الكيان أو الجسد، ولذلك فللذراع أهمية بالغة، ولكن للجسد أيضاً أهمية بالغة للذراع، فالعلاقة بين الذراع والجسد تبادلية، لا يستطيع أحدهما أن يقوى دون الآخر.
ويبدو أن الحكومة بدأت تنتهج سياسة مكثّفة بهذا المنحى ترمي إلى العناية بأذرعها وإطلاق العنان لها لتقوى وتأخذ دورها المرتجى، فمنذ أيامٍ غير بعيدة تابعنا جرعات الدعم والعناية التي قدّمتها الحكومة للمؤسسة السورية للتجارة، مالياً وتنظيمياً بحيث تنقلب – بعد حين – من حالٍ إلى حال، وتأخذ دورها الأقوى في عمليات التدخّل الإيجابي في السوق، والتأثير فيه وعليه، وصرنا حقيقةً بانتظار أن يتحرّك هذا العملاق التجاري (على مستوى سورية) بالشكل الجديد الذي سيغدو إليه.
وبالأمس قدّمت الحكومة الدعم والعناية للمؤسسة العامة للتجارة الخارجية، لتحظى بالنتائج المرجوّة التي لا تقلّ عن سابقتها على صعيد تجارتها الخارجية، عبر توسيع دائرتي الاستيراد والتصدير، وتشبيك عملها مع عمل السورية للتجارة لتنامي الأدوار التجارية بين المؤسستين، والخمسين مليار ليرة التي قُدّمت كقرضٍ للتجارة الخارجية كفيلة بتوسيع عملية الاستيراد، وتكثيف صادراتها من المنتجات الوطنية، ولا سيما الإسمنت والأدوية والمنتجات الحرفية والشعير ومواد البورسلان ومختلف المواد المحلية الأخرى القابلة للتصدير، فمن مهام المؤسسة قانوناً تصدير واستيراد المواد الكيماوية والغذائية والمستلزمات الطبية وغيرها، وعند (غيرها) يمكن أن تتطور أنشطة هذه المؤسسة بشكلٍ كبير، وهذا ما صار من الممكن أن تصل إليه المؤسسة، ولا سيما بعد دعوتها لوضع نظام حوافز متطور لعمالها والاستمرار في تدريبهم وتأهيلهم وإجراء تقييم لكوادرها وحاجتها من الأيدي العاملة لترميم النقص الحاصل.
هذه الخطوات التدريجيّة التي تخطوها الحكومة لتقوية أذرعها تُبشّر بأننا سنكون قريباً أمام قطاعات حكومية ربما غير مألوفة بالأداء والكفاءة، ولا بدّ من انتظار استكمال هذه الخطوات للعديد من المؤسسات والشركات الحكومية الضخمة وواسعة الطيف، ولا تزال تنتظر مثل هذا الدعم الذي ينعشها ويجعل منها ذراعاً قوياً كالسورية للاتصالات، والسورية للحبوب، وبعض شركات ومؤسسات القطاع العام الإنشائي، وما إلى ذلك، وهذه كلها متعطشة للدعم الذي يقويّها أكثر كساعد حكومي يمكن الاتكاء عليه فعلياً، ولا سيما أنها تمتلك من الكوادر والخبرات رفيعة المستوى ما يؤهلها لأن تغدو ذات قوة ضاربة، غير أنّ هذا الدعم الكبير سيتحول إلى خسائر فظيعة إن لم تكن تلك المؤسسات على قدر المسؤولية، فقد آن لرحلة إعادة الثقة أن تبدأ.
علي محمود جديد
التاريخ: الاثنين 29-7-2019
الرقم: 17036