بين لاعب البوكر ولاعب الشطرنج

 

 

 

 

الذين يدفعون الأمور إلى التشنج ومن ثم إلى مواجهة من أي نوع حتى لو لم تكن محمودة العواقب يشيعون أن وساطة يوسف بن علوي وحمله رسائل أميركية وبريطانية إلى إيران قد فشلت أمام التشدد الإيراني، وهؤلاء يريدون أي حرب ضد إيران المتمادية القوة والتي أَجهضت وتجهض بجدارة أي مشروع من قوى (الاستكبار) العالمي في المنطقة التي تريدها أن تبقى منطقة (حلوب) للاقتصاد الأميركي خصوصاً والغربي عموماً.
لكن المطلعين عن كثب على الزيارة يؤكدون أن بن علوي (الذي لا يهرول عبثاً) توصل إلى حل يرضي الطرفين الإيراني- البريطاني في موضوع احتجاز الناقلتين الإيرانية في مضيق جبل طارق والثانية البريطانية في مضيق هرمز بشكل متزامن أو ربما يسبق أحدها الآخر بساعات.. لكن هل هذا يعني أن بن علوي تمكن من أخذ ضمانات من إيران بتأمين مضيق هرمز، وهل ستقدم إيران هذا الضمان تجنباً للمواجهة بدون مقابل؟.
الجواب: (نعم) على الطريقة الإيرانية، فإيران التي تريدها أميركا أن تعض أصابعها تحت تضييق الحصار عليها وعلى حلفائها لن تستسلم أو تتخلى عن دورها في نصرة الشعوب أمام (الجعجعة) الترامبية المملاة عليه من القوى الخفية التي تتحكم باقتصاد العالم حتى ولو تزامنت هذه الجعجعة مع تحشيدات صورية لن تقدم أو تؤخر. من البديهي أن تلاعب ترامب لاعب البوكر المغامر الذي (يبلف) خصمه بورقة المضيق على طريقة لاعب الشطرنج المتمهل الذي يجر خصمه إلى ارتكاب الخطأ ويكمن له، حتى لو كانت تحت الحصار، ثم إنها لم تكن منذ قيام الثورة الإسلامية يوماً خارج الحصار، وكما قلنا في مقال سابق فقد أسست قوتها بسياسة الاعتماد على الذات لأنها تدرك منذ البداية أن العالم لا يتحالف إلا مع الأقوياء.
فإذا كانت الوساطة العمانية ناجحة فإن هذا النجاح جزئي ويتعلق بالناقلتين ولا يتعداهما لأن بوريس جونسون البريطاني (المعتوه) توءم ترامب، لا يريد أن يبدأ حكمه بصداع مع إيران بينما أمامه مهمات أخرى تتعلق بالاتحاد الأوروبي وتضعه على المحك مع شعبه. لكن إذا اعتبرها المراقبون أنها فشلت فذلك لأن إيران لن تقف مكتوفة اليدين أمام أي عدوان أميركي سواء أكان مباشراً أم غير مباشر ومن المؤكد أنها ستواجه الناقلة بالناقلة وستحدث أزمة أخرى.
إذن فإن ابن علوي لم يقتصر في وساطته على الناقلتين بل تعداهما إلى تأمين الممرات والاتفاق النووي الذي ما زالت تتمسك أوروبا به وتعمل على إجبار ترامب لإعادة حساباته على أساس توازن القوى الجديد في العالم، كما أن عليه أن يقتنع أن أميركا لم تعد وحدها صاحبة القرار الأوحد.
الأمر المؤكد في المشهد أن الطرفين لا يسعيان للحرب التي ستشعل المنطقة وربما العالم وتتوسع لتصبح حرباً عالمية ثالثة تحرث الأخضر واليابس، والأهم أنها ستهدد (إسرائيل) بوجودها بينما سعت وما زالت إلى تحقيق ما أمكن من (صفقة القرن) متجنبة المواجهة مع حزب الله.
لا شك ما فعلته إيران – كما ذكرنا سابقاً – يعطي دروساً للشعوب وللدول التي تحتضن شعوباً حية، بأن الخوف والخشية من خسارة رفاهية السلم، إذا كانت هناك رفاهية هي العدو الأكبر للشعوب، وعلى هذا تراهن قوى الاستكبار المتغطرسة.
وإن غداً لناظره قريب…

د. عبد الحميد دشتي

التاريخ: الثلاثاء 6-8-2019
رقم العدد : 17042

آخر الأخبار
استراتيجية "قسد" في تفكيك المجتمعات المحلية ونسف الهوية الوطنية ملتقى التوظيف جسر نحو بناء مستقبل مهني لطالبي العمل خبير بالقانون الدولي: السلطة التشريعية الرافعة الأساس لنهوض الوطن وتعافيه السياحة تستقطب الاستثمارات المحققة للعوائد والمعززة للنمو الاقتصادي عبد المنعم حلبي: استعادة الثقة أهم أولويات البرلمان الجديد قروض حسنة بلا فوائد.. كيف نضمن وصول الدعم للمنتجين؟ مراكز دعم وتوجيه في جامعة حمص لاستقبال المتقدمين للمفاضلة تأهيل بنى تحتية وتطوير خدمات تجارية في "الشيخ نجار الصناعية" "مدينتي".. جامعة حلب تسهّل عملية حجز غرفة في السكن الجامعي "المخترع الصغير".. حيث يولد الإبداع وتصنع العقول مجلس الشعب مسؤولية وطنية لبناء دولة القانون تأهيل جسر "عين البوجمعة" بريف دير الزور سوريا تطلق مشروع تنظيم المهن المالية وفق المعاييرالدولية التأمين الهندسي.. درع الأمان لمشاريع الإعمار والتنمية اختتام زيارة لـ"الجزيرة نت" و"نادي الإعلاميين" إلى صحيفة "الثورة" ما بين السطور في مهب الرايخ واشنطن تقلّص وجودها في العراق وتعيد توجيه بوصلتها نحو سوريا رحلة الاقتصاد الجديد بدأت..ماذا عن الأبواب الاستثمارية المفتوحة؟ إدارات القطاع الصناعي تجهل ضبط مسارها بما يتناغم مع الحكومة «سيبوس 2025».. منصة لانطلاقة سورية نحو الاقتصاد العالمي