يوميات ملونة

 

ذات يوم قال الشاعر العربي ابو البقاء الرندي يرثي الممالك الزائلة في الأندلس، طبعا التي زالت بعد التناحر والاقتتال الذي جرى بينها هناك، قال:
هي الأيام كما شهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان
نعم، تلك هي الأيام متداولة بين الناس، فاليوم خمر، وغداً خمر، وما بين يوم بكينا فيه، وآخر عشناه بأروع اللحظات ثمة مسافة في الزمان والمكان وكل شيء، فلمَ نبقى متربصين حيث الجراح والآلام؟ هل علينا أن يبقى الحزن سرمديا، كم كان ابراهيم ناجي رائعا حين قال في وصف الدنيا وأحوالها: دوارة أبد السنين كعهدها من ليل آثام لصبح متاب
تغلو الحياة بها إلى أن تنتهي عند الرتراب رخيصة كتراب
حقيقة لست بصدد تقديم دروس في الحياة، فالسوريون كلهم عاشوا دروس الحياة حلوها ومرها، عانوا وقاسوا، ما من بيت من الفقراء إلا ودفع ثمنا غاليا، دما وتضحية وعوزا وحاجة، وبالوقت نفسه، لن ننكر أن ثمة من أثرى وتاجر وباع واشترى، ومازال يبيعنا كلاما ووطنيات وعنتريات وغير ذلك، وهذه حال الدنيا، واحوالها، يوم لك، وايام عليك، وعلى ما يبدو فإن الأيام باقية علينا، لكن اليقين أنها كانت لنا، ولا ندري كيف انقلبت، ربما ندري لكننا نتجاهل، ويقينا أنها ستعود لنا، ولكن هل سنحسن التعامل والتفاعل معها، وتثبيتها أمر واقع يثرى بدمنا بشهدائنا، هنا الحكاية التي يجب أن تكون حاضرة عند الجميع.
فليس النصر كإنجاز هو النهاية، بل البداية، الحفاظ عليه، أن نكون أمناء على دم من ارتقى لنبقى، أن نعيش للرسالة التي سما من أجلها، هذا كله في الدرب إلى الغد، إلى الحياة، ألوان نتوشح بها، تلفنا، نعود إليها، ما بين حزن وفرح، بين وبين كل المتناقضات، لكننا متجذرون هنا، لا أدري كيف يمكن تفسير هذه الحال التي ربما يصدق عليها وصف ما قاله ذات يوم مواطن سوري (من يكون خارج سورية، يظن أن كل السوريين، هم في الخارج، ومن يزر سوق الحميدية، ير الدنيا بألف خير، وكأن احدا من السوريين لم يغادر سورية).
هي حقيقة ساطعة، لم نغادر، وسنبقى حيث نحن، نتجذر بالحزن بالألم، بكل شيء، نكابر على جراحنا، نعرف كيف نزرع ونحصد، نقيم الأعراس، نزغرد في مواكب الشهداء، نفيء إلى كل ركن وتحت ظل كل وردة وشجرة، حيواتنا ملونة ما من لون يعرف كيف يغادرنا، ربما إلا لون أن نرى جشع الكثير من التجار يقهر، من حقنا أن نفتخر أن لنا لوننا السوري المميز الذي لا أحد يدري كنهه، وكيف يصنع، لكنه مغزول من دم ونار وغار وصبر باختصار: لون سوري وكفى.

ديب علي حسن
التاريخ: الجمعة 23-8-2019
الرقم: 17054

آخر الأخبار
ريال مدريد يفتتح موسمه بفوز صعب  فرق الدفاع المدني تواصل عمليات إزالة الأنقاض في معرة النعمان محافظ إدلب يستقبل السفير الباكستاني لبحث سبل التعاون المشترك ويزوران مدينة سراقب رياض الصيرفي لـ"الثورة": الماكينة الحكومية بدأت بإصدار قراراتها الداعمة للصناعة "نسر حجري أثري" يرى النور بفضل يقظة أهالي منبج صلاح يُهيمن على جوائز الموسم في إنكلترا شفونتيك تستعيد وصافة التصنيف العالمي الأطفال المختفون في سوريا… ملف عدالة مؤجل ومسؤولية دولية ثقيلة مبنى سياحة دمشق معروض للاستثمار السياحي بطابع تراثي  "السياحة": تحديث قطاع الضيافة وإدخاله ضمن المعايير الدولية الرقمية  فلاشينغ ميدوز (2025).. شكل جديد ومواجهات قوية ستراسبورغ الفرنسي يكتب التاريخ اهتمام تركي كبير لتعزيز العلاقات مع سوريا في مختلف المجالات الساحل السوري.. السياحة في عين الاقتصاد والاستثمار مرحلة جامعية جديدة.. قرارات تلامس هموم الطلاب وتفتح أبواب العدالة تسهيلات للعبور إلى بلدهم.. "لا إذن مسبقاً" للسوريين المقيمين في تركيا مرسوم رئاسي يعفي الكهرباء من 21,5 بالمئة من الرسوم ..وزير المالية: خطوة نوعية لتعزيز تنافسية الصناعي... لقاء سوري ـ إسرائيلي في باريس.. اختبار أول لمسار علني جديد تركيب وصيانة مراكز تحويل كهربائية في القنيطرة زيارة وفد الكونغرس الأميركي إلى دمشق… تحول لافت في مقاربة واشنطن للملف السوري