حلم سيتحقق

بالرغم من كل أجواء الإحباط التي تخيم على المشهد العربي في بعده القومي والظروف الصعبة التي عاشتها الحركة القومية العربية وتياراتها المتعددة والاستيقاظ غير المسبوق للدعوات لخرائط ضيقة من جهوية وطائفية وعرقية ومحاولات البعض نعي الفكرة القومية والادعاء بأنها أصبحت في متحف التاريخ وبقايا خطاب (خشبي) بالرغم من كل ذلك المشهد إلا أن الفكرة القومية ستبقى من وجهة نظرنا فكرة سليمة وصحيحة ولعلها المخرج الصحيح والوحيد لنقل أبناء الأمة من حالة الشرذمة والضعف والتشتت والتسول السياسي إلى وضعية تليق بنا كأبناء أمة لها سفر في تاريخ الحضارة الإنسانية وماض عريق ومجد يعتز به أبناؤها جيل إثر جيل وكابر عن كابر.
لقد علمتنا دروس التاريخ أن ثمة أمماً وشعوباً كثيرة عاشت أوضاعاً أكثر سوءاً مما تعانيه شعوبنا ودولنا ومجتمعاتنا ولكنها استطاعت أن تنهض من كبوتها وتتحول من حالة الضعف والشرذمة إلى حالة القوة والوحدة عندما توفر لها قادة تاريخيون وجماهير شجاعة واعية ومؤمنة بحتمية انتصارها على كل من وقف في وجه إرادتها في التحرر والتقدم والوحدة وثمة أمثلة عديدة على ذلك، فألمانيا التي كان اسمها بروسيا كانت قد تقسمت إلى أكثر من ثلاثمئة إمارة ومدينة ومقاطعة حتى القرن التاسع عشر حيث تكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب وأمعنوا فيها تقطيعاً وشرذمة واجتاحت إماراتها ومقاطعاتها جيوش فرنسا بقيادة نابليون بونابرت ووقف عندها فيلسوف ألمانيا هيغل متأملاً المشهد قائلاً: إنني أرى نابليون ممتطياً صهوة التاريخ حاملاً روح الشعب الفرنسي فمتى أرى نابليون بروسي بمواصفاته، ولم يمضِ على ذلك إلا ثلاثة عقود من الزمن أي منتصف القرن التاسع عشر حتى ظهر الزعيم البروسي بسمارك يوحد ألمانيا ويقودها إلى سلم المجد ويتحقق حلم أو نبوءة الفيلسوف الجدلي هيغل وتصبح ألمانيا اليوم قاطرة الشعوب الأوربية وثالث أكبر قوة اقتصادية في العالم.
وثمة مثال أوربي آخر حيث عاشت إيطاليا حالة شبيهة بالحالة الألمانية من تشتت وشرذمة وتجزئة وكانت مطمع الدول الأوربية حيث تحولت إلى فريسة سياسية للإمبراطوريات الصاعدة آنذاك فظهر القائد التاريخي غاريبلدي واستطاع توحيد المقاطعات والجزر الإيطالية ويجعل منها ثاني ثالث أكبر قوة أوربية واتجهت نحو الحالة الاستعمارية والتمدد على حساب شعوب شمال وغرب إفريقيا والمنطقة العربية، ويبقى المثال الأهم على إمكانية تحقيق الوحدة العربية هو الجمهورية العربية المتحدة التي قامت عام ١٩٥٨ واستمرت لأكثر من ثلاث سنوات ونصف وكان يمكن لها أن تكون نواة لوحدة عربية شاملة لو قيض لها أن تتشكل بصورة تراكمية وليس اندماجية ناهيك عن حجم الاستهداف الذي تعرضت لها من قوى خارجية وعربية مرتبطة بالقوى الاستعمارية والعدو الصهيوني.
إن توفر الإرادة السياسية والرغبة الشعبية وقائد تاريخي قادر على استنهاض روح الجماهير مع توفر الوعي السياسي والنخب الفكرية والقوى السياسية القادرة على تعبئة الرأي العام باتجاه الأهداف الكبرى والعمل والتضحية من أجلها هي عوامل وعناصر أساسية في تحقيق ذلك الهدف الحلم الذي ناضل البعث والقوميون العرب وضحوا من أجله ودفعت سورية وما زالت ثمناً باهظاً لأنها تحمل لواء تحقيقه وما زالت ولعل السؤال الافتراضي الآن؟ ترى لو قيض لمشروع الوحدة السورية العراقية الذي عمل لأجله الرئيس الخالد حافظ الأسد عام ١٩٧٨ ،١٩٧٩ أن يتحقق، هل سيكون المشهد العربي كما هو اليوم؟ الجواب بالتأكيد لا…
ومع سوداوية المشهد فإننا ما زلنا محكومين ومسكونين بالأمل ورهاننا ورهان أحرار العرب على سورية وقيادتها ودورها التاريخي.

د.خلف علي المفتاح
التاريخ: الاثنين 26-8-2019
الرقم: 17056

آخر الأخبار
غرفة  صناعة حلب تفتح باب الانتساب لعضوية اللجان  وتعزز جهود دعم الصناعة عصام الغريواتي: زيارة الوفد السوري إلى تركيا تعزز العلاقات الاقتصادية والتجارية مباحثات سورية–إماراتية لإحياء مشروع مترو دمشق الاستراتيجي أحكام عرفية بالرقة واعتقالات في ظل سيطرة «قسد»...والإعلام مغيّب تحقيق رقابي يكشف فضيحة هدر بـ46 مليون متر مكعب في ريف حمص بعد توقف دام 7 أشهر..استئناف العمل في مشتل سلحب الحراجي "الأشغال العامة" تعرض فروع شركتي الطرق والجسور والبناء للاستثمار من وادي السيليكون إلى دمشق.. SYNC’25 II يفتح أبواب 25 ألف فرصة عمل خفايا فساد وهدر لوزير سابق .. حرمان المواطنين من 150 ألف متر مكعب من الغاز يومياً الكلاب الشاردة مصدر خوف وقلق...  116 حالة راجعت قسم داء الكلَب بمشفى درعا الوطني   تعزيز التواصل الإعلامي أثناء الأزمات الصحية ومكافحة المعلومات المضللة غلاء الإيجارات يُرهق الباحثين عن مسكن في إدلب ومناشدة لإجراءات حكومية رادعة غزة بين القصف والمجاعة و"مصائد الموت" حصرية السلاح بيد الدولة ضرورة وطنية ومطلب شعبي أكبر بساط يدوي من صنع حرفيّ ستينيّ الادعاء العام الألماني يوجّه اتهامات لخمسة أشخاص بارتكاب جرائم حرب في مخيم اليرموك زيارة رسمية لوزير الداخلية إلى تركيا لتعزيز التعاون الأمني وتنظيم شؤون السوريين تراشق التصريحات بين واشنطن وموسكو هل يقود العالم إلى مواجهة نووية؟ من البراميل والطائرات إلى السطور والكلمات... المعركة مستمرة تعددت الأسباب وحوادث السير في ازدياد.. غياب الحلول يفاقم واقع الحال