الكـــــذب والتضليــــــل ذراعــــا نتنيـــــــاهو لتفــــــادي مفاعيــــــل ردّ المقاومـــــة

لم يكن أمام رئيس حكومة الكيان الصهيوني المتغطرس بنيامين نتنياهو أي خيار آخر للخروج من المأزق الذي وضعه فيه رد حزب الله على عدوان طائراته المسيرة في الضاحية الجنوبية سوى المزيد من الأكاذيب المفضوحة حول نتائج الرد وتأثيره ومدلولاته، لتفادي فضيحة عجز كيانه المحتل عن شن حرب جديدة قد تطيح بكل آماله للفوز بانتخابات الكنيست المقررة في 17 الجاري، ولكن أكاذيبه التي (صدّقها) بخسة بعض الإعلام العربي المرتزق والمأجور، لم يستطع الإعلام الصهيوني الذي يعيش تداعيات عملية الرد ومفاعيلها الاستراتيجية على إسرائيل أن يتجاهلها، حيث بادر العديد من المحللين الإسرائيليين لتسليط الضوء على محنة نتنياهو وكيانه على وقع حادثة يوم الأحد الفائت، الحادثة التي أرخت لمرحلة جديدة من عمر الصراع المزمن بين إسرائيل والمقاومة الوطنية اللبنانية.
أكاذيب نتنياهو الجاهزة والمحضرة قبل عملية الرد ــ لكونه يعرف يقيناً أن أصحاب الوعد الصادق سيردون على عربدته ــ سقطت سريعاً أمام الفيديو الذي نشره حزب الله بخصوص عملية المقاومة في مستوطنة أفيفيم، العملية التي هزّت كيان الاحتلال في وضح النهار وأظهرت خوف جنوده وضعف جيشه وعجزه في مواجهة جبروت المقاومة وعنفوانها، بحيث لم يجد أحد المراسلين الإسرائيليين المتابعين للحدث ما يقوله سوى تكرار العبارة المشهورة التي رددها السيد حسن نصر الله في ذكرى تحرير بنت جبيل (إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت).
وفي هذا الإطار يقول الكاتب والمُحلِّل الإسرائيليّ المُخضرم دافيد هوروفيتش ما مضمونه، إنّه وسط وفرة المعلومات والتضليل الإعلامي ونشر المعلومات الكاذبة بشأن ما حدث يوم الأحد الفائت وما لم يحدث قبل ساعات من ذلك عندما استهدفت صواريخ حزب الله الجيش الإسرائيليّ على الحدود الشمالية، كتبت مقالة قصيرة أعربت فيها عن قلقي من التعتيم على حقيقة ما حدث في ضباب الحرب الوشيكة، وتساءلت عمّا إذا كنّا حقاً على بعد 30 دقيقة من حربٍ شاملةٍ، مُضيفًا الآن تبيّن أننّا كنّا على بعد أمتارٍ أو أجزاء من الثانية من حرب شاملة، ونحن نعرف ذلك ليس بفضل السلطات الإسرائيلية، ولكن بسبب لقطات الفيديو التي نشرها حزب الله للهجوم، واضطرت إسرائيل للإقرار بها في وقت لاحق.
يضيف الكاتب الإسرائيلي (ظهرت لقطات أظهرت إجلاء جنديين مصابين بمروحيّةٍ عسكريّةٍ إلى مستشفى (رمبام)، وأعلن حزب الله بحماس أنّ هجومه أسفر عن إصابة ومقتل جنود إسرائيليين، لكن بعد ذلك قال الوزير يوآف غالانط إنّ الهجوم لم يسفر عن سقوط إصابات، موضحاً أنّ مصادر إسرائيليّة أشارت إلى أنّ لقطات إجلائهما كانت جزءاً من عملية تمويه لجعل حزب الله يظن أن صواريخه (نجحت) وبالتالي الامتناع عن شن المزيد من الهجمات.
إن ما يقوله هذا الكاتب الإسرائيلي يشير إلى أن نتنياهو كان متأكداً تماماً من رد حزب الله على عربدته في الأيام الماضية، وقد حاول كيانه القيام بكل الإجراءات التي من شأنها التقليل من وقع أي عملية رد يقوم بها الحزب، لما لذلك من تأثير سلبي على معنويات الكيان ومجتمعه وجيشه، والأهم من ذلك التأثير على حظوظ نتنياهو في الانتخابات الوشيكة، وإدراكه أيضاً أن المقاومة جاهزة للمضي قدماً في تكرار انتصار حرب تموز عام 2006 الانتصار الذي لايزال الكيان يعيش تداعياته ويحاول التخلص منها، وهو ما دفع نتنياهو للخروج بعد ساعات قليلة من العملية للادعاء بأن أياً من جنود الاحتلال لم يصب بخدش، بهدف طمأنة كيانه المرعوب من فتح الملاجئ وحالة الطوارئ المعلنة قبل أسبوع بسبب توقع الرد، بأن الحرب التي يخشونها لن تقع، وهذا ما يذكرنا بالرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي تذرع قبل أسابيع بعدم وقوع ضحايا مدنيين على متن طائرة التجسس الأميركية التي أسقطتها الدفاعات الجوية الإيرانية الشهر الفائت فوق مياه الخليج، الأمر الذي برر له الإقلاع مرحلياً عن فكرة المواجهة والحرب مع إيران.
لكن الفارق هنا، أنه في الحالة الإسرائيلية ثمة كذب واضح ومفضوح في تصريحات نتنياهو، قام الإعلام الصهيوني بفضحها، يقول الكاتب الإسرائيلي المخضرم (يتضح الآن بأنّ تقارير المراسلين العسكريين الإسرائيليين التي أكّدت أنّ الهدف الرئيسيّ لصواريخ حزب الله كان مركبة عسكريّة طبيّة خالية لم تكُن صحيحة.
المثير للسخرية هنا أن سلطات الاحتلال حاولت خداع المقاومة لإفشال هدف الرد، وذلك عبر وضع عربات عسكرية خالية في مناطق عدة من المستوطنة الإسرائيلية من أجل استهدافها من قبل الحزب، ولكن هذا الخداع لم ينطلِ على أبطال المقاومة الذين أصابوا الهدف الإسرائيلي المناسب وأوقعوا إصابات مباشرة في جنود الاحتلال رغم كل إجراءات الخداع والسلامة التي اتبعها، وهذا ما تحدثت عنه وسائل إعلام مختلفة.
فقد أظهرت اللقطات التي وثقت رد حزب الله وبثتها قناة (المنار) أنّ المركبة الإسرائيلية المُستهدفة بالتأكيد لم تكُن خالية أوْ متوقفةً، بل كانت تسير على طريق الشمال، وبداخلها، بحسب مجموعة جديدة من تقارير المراسلين العسكريين الإسرائيليين، كان هناك خمسة جنود، ما يؤكد وقوعهم بين قتيل ومصاب، وبالتالي فإن حديث نتنياهو عن عدم وجود إصابات بين جنوده هو محض افتراء هدفه تفادي ردة فعل داخل المجتمع الصهيوني تنعكس نتائج سلبية على مستقبله السياسي في صناديق الانتخاب.
لقد حاول نتنياهو اللعب بقواعد الاشتباك المعمول بها مع المقاومة اللبنانية منذ حرب تموز، ففشل فشلاً ذريعاً، ومنح المقاومة فرصة جديدة لترسيخ معادلة ردع جديدة بين المقاومة من جهة والكيان المحتل يكون للمقاومة فيها اليد العليا، مع إبقاء الكرة دائماً في الملعب الإسرائيلي.
لقد اختار نتنياهو السير على حافة الهاوية لتعزيز صورته المهزوزة في إسرائيل، فوقَع فيها بعد أن فشل في مواصلة السير على حافتها حتى النهاية، بحيث قوّض معادلة الردع التي كانت قائمة مع حزب الله منذ سنوات على طرفي الحدود، فاهتزت معها مجدداً سمعة جيش الاحتلال الذي يعربد في المنطقة متى يشاء، ليعود طرح نفس الأسئلة القديمة حول مصير الكيان في حال اندلاع حرب كبيرة في المنطقة بين إسرائيل ومحور المقاومة ضمن المعطيات الجديدة التي أضيفت إلى رصيده خلال سنوات الحرب على سورية.

عبد الحليم سعود
التاريخ: الجمعة 6-9-2019
الرقم: 17067

 

 

 

 

آخر الأخبار
6 دول أوروبية تدعو إلى تخفيف العقوبات على سوريا طلبة جامعيون لـ "الثورة": أجور النقل بين العاصمة والريف مرهقة لنا القائد الشرع يلتقي وفد المفوضية السامية للأمم المتحدة أكثر من ٣,٥ ملايين طالب وطالبة يتقدمون للامتحان الفصلي الأول خدمات صحية متنوعة يقدمها مستشفى الحراك الوطني بدرعا ورشة تدريبية بدرعا للتعرف على ذوي صعوبات التعلم وتشخيصهم انخفاض كبير بأسعار المواد الغذائية في طرطوس تحسن ملحوظ بصناعة رغيف الخبز في درعا تخفيف العقوبات على سوريا على طاولة "الأوروبي" سرقة 5 محولات كهربائية تتسبب بقطع التيار عن أحياء في دير الزور "دا . عش" وضرب أمننا.. التوقيت والهدف الشرع يلتقي ميقاتي: سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين إعلاميو اللاذقية لـ"الثورة": نطمح لإعلام صادق وحر.. وأن نكون صوت المواطن من السعودية.. توزيع 700 حصة إغاثية في أم المياذن بدرعا "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟ إحباط محاولة داعش تفجير مقام السيدة زينب.. مزيد من اليقظة استمرار إزالة التعديات على الأملاك العامة في دمشق