هو أسوأ شخصية يمكن أن تتبوأ منصب مستشار الأمن القومي لكن ترامب هو ترامب وقد يأتي بأسوأ منه، ما رأيكم بجاريد كوشنير؟
بولتون لن يقبل صرفه من العمل دون انتقام فقريباً سيكون هناك أطنان من التسريبات بأن هناك مسؤولا كبيرا في الادارة الأمريكية يعلن أن ترامب قام بأفعال سيئة جداً، الموالون لترامب ومسؤولون آخرون من أنحاء العالم يشكون من أن بولتون وفريقه أشاعوا أشياء كثيرة الأمر الذي لن يساعدهم بإرسال رسائل نصية للصحفيين للتوضيح بأنه لم يطرد وبالرغم من أنه لم يمكث كثيراً كسكرتير أمن قومي لترامب إلا أن بولتون نجح في احراز الكثير من الضرر والأذية أينما استطاع في أنحاء العالم من أفغانستان الى كوريا الشمالية الى إيران وفنزويلا فقد خرب قمة هانوي بين ترامب وكيم جون كما ضغط كثيراً لتنفيذ ضربات جوية ضد إيران وهو الذي دبر محاولة الانقلاب في فنزويلا.
إن تباعد وجهات النظر بين ترامب وبولتون حول ملفات استراتيجية التي بدأت تظهر أكثر فأكثر انقلب الى وضع أقله متفجر في واشنطن وضمن حلبة «فالس» العزل التي تهز ادارة ترامب منذ البداية جاء دور جون بولتون الذي ظن كثيرون أنه لا يمكن إزاحته من مكانه ليجد نفسه الآن على مقعد مقذوف وكعادته فقد أعلن ترامب على تويتر بأنه انفصل عن مستشاره في الأمن القومي المركز الاستراتيجي الكبير، بولتون أحد الصقور الذي يجسد سياسة وسلطة الذهاب الى الحروب دون تراجع حيث اضطر ترامب عدة مرات إلى تلطيف أو تعديل تصريحاته المطالبة بالحرب خاصة حول إيران وكان قد دافع عنه في نيسان الماضي بعد سلسلة مقالات نشرها بولتون مبيناً التباعد المتنامي بين الرجلين حيث قال ترامب: «جون جيد جداً لكن لديه آراء متصلبة وهذا غير معقول وفي الواقع أنا من يوازن الأمور وكما عندي جون هناك أشخاص آخرون هم حمائم أكثر منه لكن في النهاية أنا من يتخذ القرارات».
وتأتي عملية العزل هذه في وقت ألغى فيه الرئيس ترامب لقاءً سرياً مرتقباً مع زعماء الطالبان في كامب ديفيد حيث قرر ترامب وضع حد للمفاوضات في حين أن وزير خارجيته مايك بومبيو لا يستبعد إعادة الحوار وهذا دليل اضافي على فقدان التوازن ووحدة الرأي وسط فريقه وكان عدد من وسائل الاعلام الأميركية قد ذكرت أن نائبه مايك بينس كما جون بولتون استقبحوا جداً مجيء الطالبان الى كامب ديفيد بل عارضوه فأثارت هذه القضية خلافاً كبيراً ودفعت دونالد ترامب الذي يراكم إشارات المتناقضات في الأسابيع الأخيرة ليبرر القول: «هناك الكثير من التضليل الاعلامي الذي يدفعني لموقف حازم ضد آراء نائب الرئيس ومختلف المستشارين حول لقاء محتمل مع الطالبان في كامب ديفيد».
جون بولتون الذي كان أحد مهندسي الغزو الأميركي للعراق عام 2003 وهو وريث مدرسة رامسفيلد وتشيني لم يقتنع يوماً بالمفاوضات مع زعيم كوريا الشمالية حول نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية وبالنسبة لإيران فقد اتهمها في 30 أيار الماضي بأنها المسؤولة عن هجمات ناقلة النفط في ميناء الفجيرة في حين بدا ترامب حذراً حيال هذا الأمر، وقبل ترامب كان بولتون قد عمل مع ثلاثة رؤساء جمهوريين هم رونالد ريغان و بوش الأب ثم بوش الابن كما كان سفيراً في الأمم المتحدة، وعلى الأرجح فإن ترامب عينه في هذا المنصب عام 2018 بسبب تلك المواقع التي شغلها وعباراته الصريحة وهجومه اللاذع على المؤسسات، إن ابعاده الآن يمثل في الحقيقة إعادة توجيه للسياسة الخارجية الأميركية وترجيح الميزان الى الكفة الأكثر دبلوماسية وبراغماتية أي وزير الخارجية مايك بومبيو كما أنه بإبعاد بولتون أراد ترامب أن يثبت للأميركيين أن له سلطة على «الدولة العميقة» بل يريد ترامب إرهاب حكومة ظله خاصة أن جون بولتون المحب للحرب أصبح مزعجاً لأن نفوذه امتد كثيراً إذ قال عنه ترامب: «إذا كان جون صاحب القرار في كل شيء فسوف نذهب الى أربع حروب»، لكن بإبعاده لن يكون دون دعوة شخصية أخرى مثيرة للجدل هو ستيف بانون استراتيجي سابق عند دونالد ترامب وقد انتقل بسرعة كبيرة من موقع موجه خفي في السياسة الى شخص منبوذ غير مرغوب به .
لكن باختصار ونظراً الى الخسائر التي تسبب بها تدخل الأميركي في العالم خاصة في الشرق الأوسط فنحن سعداء من طرد ترامب لـ بولتون رغم أنه قد يكون ترامب في لحظة مزاج متقلب قد ضغط بالخطأ على الزر السيئ.
LE TEMPS
ترجمة: مها محفوض محمد
التاريخ: الجمعة 13-9-2019
الرقم: 17074