المســــــارات الجديــــــــدة وتفاهمــــــات الأمــــــر الواقــــــع

إن عُقدة الغرب المتصهين من النصر العسكري في الميدان للجيش العربي السوري وحلفائه تجعله لا يتحرّك على أساس وقائع الميدان بمقدار ما يُبقي حركته نحو الحل السياسي في سورية عند منطق ردّ الفعل السلبي الذي يعتقد فيه أنه بتجاهله لوقائع الميدان يفرض الإطار السياسي الذي يحافظ فيه على ماء الوجه طالما أن المشروع الإرهابي في الحرب على سورية قد سقط رغم النسبة الكبيرة من الدعم الذي تم توفيرها له.
ووفقاً لمقتضاه نلاحظ دوماً أن كل تقدم للجيش وحلفائه على أي جبهة ضد الإرهاب يرافقه سُعار أمروأوروبي صهيوني لوقف إطلاق النار، وعدم ترك الجيش يصفّي الإرهابيين حتى لا يكون الحسم العسكري هو الحقيقة التي ستبدّل كافة المعادلات المضللة التي ما فتئت الدعاية الغربية تعمل عليها؛ والمدنيون، والجانب الإنساني، والمزيد من النزوح كل ذلك ذرائع سرعان ما يُطلب اجتماعٌ لمجلس الأمن بخصوصها بينما لو قامت أميركا وأطلسيوها بتدمير أي منطقة من الأرض السورية لا نسمع بالضجيج حول المدنيين والجانب الإنساني، ولا نجد أي رغبة بعقد اجتماع لمجلس الأمن لكأنّ المدنيين يوجدون فقط في الجبهات التي يخوضها الجيش وحلفاؤه ضد الإرهاب، ولا يوجد مدنيون في الأماكن التي تُقرّر أميركا الضرب فيها.
ولكي لا يتعامل حلف العدوان الإرهابي على سورية مع وقائع الميدان، ولا يجعل منها إطاراً لتفاهمات جديدة على طريق الحل السياسي نراه مصرّاً على العداء للدولة الشرعية السورية ولا يحترم إرادة شعبها فيها، ولا سيادتها على أرضها حين يقوم بإدخال قواته إلى أرضها، وإقامة قواعده العسكرية حتى من خارج قرارات مجلس الأمن. نعم لقد أصبح المجتمع الدولي يدرك حقائق كثيرة كانت الميديا الغربية تحاول إخفاءها منها أن مساحة الشرعية للدولة السورية محدودة جداً وليس حولها شعب كما تدّعي، ليتضح الحال أن الذين روّجوا لهذه الكذبة هم الذين لم يجدوا شعباً يمثل حاضنة تسوّغ ما يقترفون بحق الوطن السوري ومواطنيه، والمسألة الثانية أن الدولة السورية هشّة من الداخل وحين يتحرك الذين حركوهم من الخارج ستسقط بسرعة ليتضح أن الدولة السورية القوية أصلب مما يعتقدون فأدواتهم سقطت أمام صمود الدولة، والمسألة الثالثة أن الجيش وحلفاءه غير قادرين على الحسم العسكري، وسيفرض الميدان الذي ضخّوا فيه مئات الآلاف من الإرهابيين، وزوّدهم بأحدث الأسلحة الوقائع التي تشير إلى عجز الجيش عن تحرير أي منطقة يفرضون سيطرتهم عليها ليتضح أن الجيش ما إن تصبح المنطقة ضمن خارطة التحرك الاستراتيجي له حتى يتقدم إليها وينتزعها من براثن الإرهاب بأقصر الزمن. وفي هذا الحال تُستكشف معادلة حربيّة مهمة وهي أن الجيوش التي تُشكّل من المرتزقة وشركات مثل بلاك ووتر وغيرها حتى لو نفخوا فيها من الدّجل ما نفخوا لا يمكن لها أن تصمد في الميدان أمام الجيش الوطني المنتمي إلى أرضه، ووطنه، وعلمه، ونشيده، والمسألة الأخيرة أن جيشنا وحلفاءه لم تأخذهم أضاليل الحرب النفسية التي يشنّها العدو الإرهابي والداعم له بل كانت أشكال قتاله مذهلة لهؤلاء الذين تدرّبوا في المعسكرات الغربية ويزعمون بأن ما يملكون من قدرة على الحركة في الميدان لا يضاهيهم فيها أحدٌ.
والمثير للبحث اليوم في أهم الأكاديميات العسكرية في العالم هو هذا الدعم المعنوي، والمادي لجيشٍ يعرف أنه يواجه تحالفاً من أكثر من ثمانين دولة وتتقوّى لديه عزيمة الإصرار على انتزاع النصر، ويحتوي الميدان بمن فيه في الزمن القياسي. ونحن في هذا المذهب من التحليل لا نجانب المنطق، أو الواقعية ونقول لمن يستغرب تحليلنا أن يُعيد النظر في المعارك الأخيرة التي خاضها جيشنا في ريف حماة الشمالي، وفي ريف إدلب الجنوبي وفي الأسلوب القتالي الذي سيطر فيه الجيش وحلفاؤه على خان شيخون، ورغم كل ما كانت تملكه نقطة المراقبة الأردوغانية لكنها لم تتمكن من مساعدة الإرهابيين في شيء لتغيير أحوالهم في الميدان حتى هزموا فيه، وعلى ضوء خان شيخون تبدلت معادلات ميدانية، وسياسية جديدة كان أولها وَضْعَ الحد العسكري لحركة أردوغان وقواته على أرض معرة النعمان وإيقاف رتله العسكري بعد أن تم قصفه، كذلك إخراج نقطة مراقبة مورك من الخدمة بعد تطويقها ومسك يد أردوغان عن الحركة كما كان يتبجح حتى اضطره الأمر الى الذهاب إلى الرئيس بوتين وهناك أُفهم أنه أمام حقيقتين لا بد أن يتعامل بهما الأولى: أن الإرهاب في إدلب يجب أن يُقضى عليه، ولم تعد أمامه أي فرصة للاستثمار فيه، والثانية: أن تفاهمات سوتشي وأستنة يجب أن تنفّذ على أرض إدلب بما يُنهي الوجود الإرهابي الأجنبي، والمحلي ويحافظ على وحدة الأراضي السورية، والسيادة، وهنا لم يعد أمام أردوغان أي فرصة للتلاعب وجعل تفاهمات أستنة وسوتشي أوراقاً بيده يراهن فيها أمام أميركا ولا يسأل عن انتصارات الميدان للجيش وحلفائه. ولما كانت حركة جيشنا سريعة باتجاه ريف معرة النعمان، وفشلت محاولة أردوغان في فتح جبهة شرق إدلب أثناء ذهابه إلى موسكو لعلها تشكل له موقفاً أفضل أُسقط بيد الرجل ومعه أميركا وصار قرار وقف إطلاق النار على قيد التداول في منطقة خفض التصعيد في قطاعي ريف حماة الشمالي الغربي، وإدلب الجنوبي كفرصة أخيرة للتنظيمات والمجموعات الإرهابية

د. فايز عز الدين
التاريخ: الجمعة 13-9-2019
الرقم: 17074

 

 

آخر الأخبار
طلبة جامعيون لـ "الثورة": أجور النقل بين العاصمة والريف مرهقة لنا القائد الشرع يلتقي وفد المفوضية السامية للأمم المتحدة أكثر من ٣,٥ ملايين طالب وطالبة يتقدمون للامتحان الفصلي الأول خدمات صحية متنوعة يقدمها مستشفى الحراك الوطني بدرعا ورشة تدريبية بدرعا للتعرف على ذوي صعوبات التعلم وتشخيصهم انخفاض كبير بأسعار المواد الغذائية في طرطوس تحسن ملحوظ بصناعة رغيف الخبز في درعا تخفيف العقوبات على سوريا على طاولة "الأوروبي" سرقة 5 محولات كهربائية تتسبب بقطع التيار عن أحياء في دير الزور "دا . عش" وضرب أمننا.. التوقيت والهدف الشرع يلتقي ميقاتي: سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين إعلاميو اللاذقية لـ"الثورة": نطمح لإعلام صادق وحر.. وأن نكون صوت المواطن من السعودية.. توزيع 700 حصة إغاثية في أم المياذن بدرعا "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟ إحباط محاولة داعش تفجير مقام السيدة زينب.. مزيد من اليقظة استمرار إزالة التعديات على الأملاك العامة في دمشق القائد الشرع والسيد الشيباني يستقبلان المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان