تركت الغارة التي شنها أنصار الله على موقعين لشركة آرامكو فجر الرابع عشر من أيلول الجاري منعكسات متباينة وأظهرت مواقف مستجدة ووضعت العالم أمام احتمالات مفتوحة.
فعلى الرغم من تبني حركة أنصار الله للعملية وتقديم معلومات كاملة عن العملية التي تمت بواسطة عشر طائرات مسيرة حديثة ومتطورة إضافة إلى صواريخ بعيدة المدى مطورة في اليمن، إلا أن الاتهامات الأميركية والغربية والسعودية توجهت نحو طهران كمنفذ مباشر لتلك العملية متهمة إياها بالتسبب في وقف تدفق نصف إمدادات النفط العالمية.
والمستغرب في الأمر توجه الإدارة الأميركية نحو تصعيد الموقف العدواني تجاه إيران بدلاً من البحث عن مخرج للعدوان على اليمن ينهي حالة الحرب العدوانية المستمرة منذ خمسة أعوام دون أن يبدو في الأفق احتمالات لنهاياتها في ظل عدم قدرة التحالف العدواني الذي تقوده السعودية على تحقيق الانتصار المستهدف في القضاء على أنصار الله والتحكم بالمصير اليمني وفق المخططات الغربية الاستعمارية.
يتساءل المتابعون عن دوافع وأبعاد ومنعكسات هذه العملية ، فهي تمثل في البداية رسالة للتحالف العدواني السعودي أن الحوثيين قادرون على ضرب كل الأهداف الاستراتيجية داخل المملكة، وهم قد طوروا قدراتهم الصاروخية والعسكرية باستمرار خلال فترة العدوان ، وكانوا قد أظهروا تسلسل هذا التطور بدءاً من الصواريخ البعيدة المدى التي بلغ مداها الإمارات العربية المتحدة والوصول إلى مطاري أبو ظبي ودبي وتوقيف حركة الطيران فيهما بعد ضرب أكثر من موقع استراتيجي سعودي ، كما أكد الحوثيون ان ذلك التطوير كان داخلياً في ظل الحصار شبه الكامل على الموانئ والمطارات والمنافذ البرية ، الأمر الذي يكذب الافتراءات السعودية والأميركية، فما هي الدوافع التي تجعل الإدارة الأميركية تضع احتمالات ان تكون إيران من نفذ تلك العملية وأن الطائرات انطلقت من إيران أيضاً؟
الواضح أن مسلسل الضغط على إيران لم يتوقف ، وهو جزء من الضغط على محور المقاومة كله، والواضح أن كل هذا الضغط المتزايد لم يؤد إلى تحقيق الأهداف العدوانية ، الأمر الذي يدفع بالولايات المتحدة الأميركية للبحث عن أساليب جديدة لمحاولة حشد دعم دولي للمزيد من محاصرة إيران ومحور المقاومة ، وذلك عبر تحشيد الغرب وغيره من خلال التهويل من مخاطر انقطاع الإمدادات النفطية ، وهو ما ظهر ككذب فور تقديم الدلائل الدامغة على أن تنفيذ العملية كان يمنياً بامتياز ، وهنا ينبغي البحث في سبل إنهاء العدوان لا الشروع في تنفيذ المزيد من الاعتداءات الكبرى والانصياع خلف المطالب الصهيونية والسعودية بالتحديد .
وبالرغم من الاحتمالات المفتوحة إلا أن الترجيح يبقى في جانب انهزام محور العدوان ، إذ أن أي مغامرة ستكون غير محسوبة العواقب ، لأن العدوان على إيران تحت هذه الذريعة سوف يشعل المنطقة ويترك ارتدادات سيئة على المنطقة كلها ، وعلى منطقة الخليج بشكل خاص .
مصطفى المقداد
التاريخ: الاثنين 23-9-2019
الرقم: 17081