ذلكَ الصّــــوت..!

دائماً كنت أحاول الانسجام مع الأفكار الاقتصادية الجديدة التي بدأت تغزو العالم منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي، والتي تقوم على تقليص دور الدولة في الإنتاج، ولا سيما بالنسبة للصناعات الخفيفة والخدمات، بالتخلّي عنها وإفساح المجال أمام القطاع الخاص ليقوم بهذه المهمة، وحتى بيعه كل ما يدخل بهذا الإطار من أصول الشركات والمؤسسات الحكومية تحت عنوان المصطلح الاقتصادي الدّخيل (الخصخصة) لتبقى الدولة مهتمة بالخطط ومراقبة تنفيذها، وتكتفي بإدارة الصناعات الاستراتيجية المهمة.
غير أنّ محاولاتي باءت بالفشل دائماً، وصوت في داخلي كان يتعالى كضميرٍ يشهر سيفَ التأنيب، بأن هذه الخصخصة نهجٌ في غير مكانه، وأسلوب خاطئ، ولم أكتب إلا في هذا المنحى يوماً، لا تصريحاً ولا حتى تلميحاً علّني أستطيعُ إيقاف ذلك الصوت على الأقل.
لحسن الحظ أن أي حكومة من الحكومات السورية من ذلك الوقت وإلى الآن، لم تقتنع بهذا النهج الاقتصادي الجديد، واتّبعت أسلوباً ديناميكياً دون أن تتخلّى عن أصول الشركات والمؤسسات، وذلك عبر خلق مناخ استثماري جذاب، يبعد العراقيل من أمام القطاع الخاص، ويُفسح له المجال كقطاع وطني لإقامة ما يشاء من الاستثمارات الصناعية كمصانع الاسمنت والحديد والكابلات والصناعات الكيميائية والغذائية، وكذلك الاستثمارات الخدمية ولا سيما في مجالات السياحة والبنوك وشركات التأمين وما إلى ذلك.
فالسياسة الاقتصادية السورية كانت بالفعل متوازنة في هذا المجال عندما لم تنتهج مبادئ الخصخصة، ولم تُعِق القطاع الخاص -بالمقابل- عن القيام باستثماراته الخاصة، فكان التأثير بموجة الخصخصة ضعيفاً جداً – إن لم يكن معدوماً – لولا التخلّي عن بعض الشركات الصناعية الصغيرة كعدد من شركات الكونسروة والزيوت، ولكن تمّ الاكتفاء بإغلاقها واستثمارها بشكلٍ آخر مع الإبقاء على ملكيتها للدولة.
إلى الآن لا يزال هناك من يقتنع بأنّ على الدولة أن تتخلّى عن الصناعات الغذائية – على الأقل – وتفويض القطاع الخاص وحده بها..! على الرغم من أن دولة كسورية يقوم اقتصادها بشكل أساسي على الزراعة من المُفترض أن تذهب بعيداً في تمكين وتعزيز الصناعات الغذائية، فهي تعني خلق القيم المضافة لمواسمنا الزراعيّة الخيّرة والكثيرة، وتعني بالنهاية تحقيق الكفاءة والمردود العالي لاقتصادنا الوطني.
ولذلك لن أخفي غبطتي من حماس وزارة الصناعة مؤخراً عن إقلاع خطّي إنتاج الحلاوة والكاتشب في شركة كونسروة دمشق، ولا سيما عندما حذرت المتربصين بشركات قطاعنا الصناعي العام.. حتى من مجرد الاقتراب.. وألمحت إلى أن هذين الخطين الإنتاجيين بمثابة الردّ على المروّجين للخصخصة التي لن تكون إلا كحلم إبليس في الجنة.

علي محمود جديد
التاريخ: الاثنين 23-9-2019
الرقم: 17081

آخر الأخبار
الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية