مواجهة التطبيع

 

كلمة التطبيع تعني عودة الأمور إلى ما كانت عليه وجعل العلاقات طبيعية بين طرفين أو دولتين، فما هو الطبيعي بين العرب والإسرائيليين إنه القتال بوصفهم قوة احتلال، فكلمة تطبيع مدسوسة ولا تنسجم مع الحالة القائمة بين العرب وإسرائيل فهي بهذا المعنى الرضوخ والاستسلام والتركيع من هنا تأتي أهمية التدقيق في المصطلح وتفنيده وتوضيح مراميه.
ولا شك أن الفكرة الأساسية للتطبيع هي نزع وإزالة حالة العداء بين العرب وإسرائيل وهو شعور يستوطننا جميعاً والسبب في ذلك أن الصهاينة قد احتلوا أرضاً عربية هي فلسطين وعاصمتها القدس (وليسوا بوصفهم يهوداً) ولم يكتفوا بذلك وإنما احتلوا الجولان وأراض مصرية وأردنية ولبنانية ومارسوا كل أشكال القتل بحق العرب وشنوا حروباً عليهم راح ضحيتها عشرات آلاف الشهداء وتسببوا بخسائر بشرية ومادية لدول عربية بسبب الحروب كان من الممكن أن تنفق على عمليات التنمية البشرية والاقتصادية والخدمية ناهيك عن أنهم أي الصهاينة عملوا على ضرب وإفشال كل محاولة لبناء دولة عربية قوية وموحدة وشردوا الملايين من الفلسطينيين في أصقاع الأرض وسعوا حثيثاً لتهويد الأرض والسكان والثقافة الفلسطينية.
وفي ظل الحديث المتجدد عن التطبيع وصفقة القرن يمكننا الإشارة إلى دور المؤسسات التربوية والنظام التربوي العربي في تشكيل وعي المواطن وتربيته عاطفياً ووجدانياً من خلال المنهاج المدرسي، فنحن تعلمنا حب أمتنا بالمدرسة وكذلك تمجيد أبطالنا وكل ما هو حي وإيجابي في تاريخنا بوصفنا أبناء أمة عريقة لها حضارتها وإنجازاتها إضافة إلى أننا تعلمنا أن إسرائيل هي عدو محتل لأرضنا وأننا كنا ضحية مؤامرة وخيانة استعمارية منذ مئة عام عبر سايكس بيكو ووعد بلفور وخداع مكماهون للعرب ما يعني أن التربية عبر منهاجها هي من يشكل حالة الكراهية تجاه العدو عبر فلسفتها ونهجها التربوي من خلال النص الأدبي والشعري والقصة وغيرها من هنا تأتي أهمية وضع استراتيجية تربوية بدءاً من المراحل الأولى للتعليم تبرز الصهاينة على حقيقتهم كأعداء من خلال الإشارة إلى احتلال فلسطين والتركيز على عدوان ١٩٥٦ على مصر وعدوان حزيران ١٩٦٧ وضرب المقاومة الفلسطينية في الأردن ولبنان والتآمر على الدول العربية عبر سبعين عاماً من عمر الاحتلال.
إن التأكيد على عروبة فلسطين وأنها أرض عربية محتله يجب استعادتها وتكريس فكرة العدو في وعي المواطن العربي مسألة غاية في الأهمية ما يشكل ردة فعل سلبية تجاه أي دعوة للتطبيع مع العدو لأنها بهذا المعنى تصطدم مع مشاعر وأحاسيس الملايين من المواطنين العرب وغيرهم الأمر الذي يجعل الحاكم العربي يمتنع عن الإقدام على أي خطوة في هذا المجال بحيث يصبح معزولاً شعبياً وفي مواجهة مع شعبه ولا يمتلك شرعية التمثيل لجهة أن الشعب من حيث المبدأ هو مصدر السلطة الشرعية، وبالإضافة إلى تكريس صورة العدو في الوعي العام تأتي أهمية إبراز المقاومة المسلحة للاحتلال في المنهاج التربوي والإشارة إلى بطولات الشعب الفلسطيني وانتصاراته في معركة الكرامة عام ١٩٦٨ والمقاومة في لبنان وغزة والضفة ورفض التهويد في القدس والجولان والتركيز على حرب تشرين التحريرية إضافة إلى الإشارة إلى أن معاهدات كامب ديفيد مع مصر وأوسلو مع السلطة الفلسطينية ووادي عربة مع الأردن لم تجدِ نفعاً لأننا أمام عدو لا يقبل بالسلام ويرفض قيام دولة فلسطينية ويخالف كل القرارات الدولية وينتهك ميثاق الأمم المتحدة ويمارس سياسية التمييز ضد العرب ويكرس ثقافة كراهيتهم واحتقارهم في مناهجه التربوية وخطابه الديني وهنا يمكن للمناهج التربوية الاستعانة بالنصوص الدينية التوراتية المدمجة في المنهاج التربوي في إسرائيل في مراحله الثلاث.
إن التربية هي الحقل المعرفي الذي نحصد ما نزرعه فيه من قيم ومفاهيم وثقافة ووعي وعواطف وطريقة تفكير واستعدادات وقابلية للحب والكراهية فالطفل يتلقى ويمتص معارفه ومواقفه ويتشكل وعيه في دوائر ثلاث؛ البيت المدرسة والمجتمع وتبقى المدرسة هي الصانع الأول للأجيال وراسمة ملامح المستقبل.

خلف علي المفتاح
التاريخ: الاثنين 23-9-2019
الرقم: 17081

آخر الأخبار
جميع الشركات أكملت تجهيز مواقعها.. معرض دمشق سيكون نموذجاً وطنياً مميزاً.. وترتيبات مبهرة بحفل الافت... الرئيس الشرع يستقبل وفداً من الكونغرس الأميركي لبحث ملفات الأمن ورفع العقوبات رسالة معرض دمشق الدولي بدورته الجديدة.. الانفتاح والشراكة مع العالم دمشق ترحب وتعتبر رفع العقوبات الأميركية تحولاً نوعياً يمهّد لمسار تعاون جديد تعزيز التعاون في مجال الطوارئ والكوارث بين سوريا والعراق معرض دمشق الدولي.. بوابات اقتصادية وآمال مشروعة لانفتاح أكبر "الرقابة المالية":  فساد "ممنهج" بتريليونات الليرات استهدف معيشة السوريين مباشرة جمعية "موصياد" التركية: فتح آفاق للتعاون مع سوريا وإطلاق منتدى اقتصادي دولي معرض دمشق الدولي.. منصة متكاملة لتبادل الخبرات والمعارف وعقد الاتفاقات تطوير العلاقات الاقتصادية بين "غرف التجارة السورية" و"التجارة والصناعة العربية الألمانية" محطة وطنية بامتياز.. في مرحلة استثنائية رسمياً ... الخزانة الأميركية تُعلن رفع العقوبات المفروضة على سوريا اجتماع جدة: إسرائيل تتحمل مسؤولية جرائم الإبادة في غزة معاون وزير الصحة يتفقد أقسام مستشفى درعا الوطني سعر الصرف يتراجع والذهب يحلق الحملات الشعبية في سوريا.. مبادرات محلية تنهض بالبنى التحتية وتؤسس لثقافة التكافل عودة نظام سويفت تدريجياً.. خبير اقتصادي  لـ"الثورة": استعادة الروابط المالية وتشجيع الاستثمار نقطة تحول كبرى.. سوريا خارج قوائم العقوبات المالية والتجارية لمكتب "OFAC" الأميركي المبادرات الشعبية بريف إدلب... تركيب أغطية الصرف الصحي في معصران نموذجاً العمارة المستدامة في قلب مشاريع الإعمار.. الهندسة السورية تتجه نحو الأخضر