والتربية تستعد لإطلاق مؤتمر تطوير التعليم بعد غد الأربعاء، توجهنا بسؤال موجز لبعض المعنيين بالتربية مفاده: أين موقع نظامنا التربوي عالمياً..؟ طبعاً الإجابة كانت أغلبيتها بأن لا موقع لنا عالمياً، نتيجة الأزمة التي دمرت البشر والحجر حيث كانت مدارسنا قبلها أي – الأزمة – منارة للعلم والمعرفة، لكن ذلك لا يمنع أن يكون لنا مكان في هذا الكون الواسع، ونستطيع تحديد هذا المكان من خلال تطبيق أربعة مبادئ: إعادة النظر في أجور المعلمين، إعطاء مديري المدارس مزيداً من الاستقلالية، استحداث التميز المدرسي، إشراف موجهين مختصين في استحداث برامج جديدة.
طبعاً جودة التعليم العالمي درست في منتدى (دافوس) الاقتصادي الأخير وشملت حوالي /140/ دولة في العالم طبعاً نحن لسنا من هذه الدول، رتبت وفق 12 معياراً رئيسياً وحوالي 40 معياراً فرعياً. هذه المعايير معايير دقيقة ومحددة بأسس علمية وتربوية وتعليمية رصينة، وهي ذات أهمية كبيرة، إذ إنها تُقدم معلومات تفصيلية ودقيقة عن واقع سير العملية التعليمية في البلدان التي يغطيها المؤشر، وتشمل: المؤسسات، البنية التحتية، الصحة والتعليم الأساسي، التعليم الجامعي والتدريب، بيئة الاقتصاد الكلي، كفاءة سوق العمل، تطوير سوق المال، الجاهزية التكنولوجية، حجم السوق، الابتكار، تطور الأعمال، كفاءة أسواق السلع، وقد أظهرت بيانات هذا المؤشر نتائج صادمة، وطبعاً نتائج هذا المؤشر ليست الوحيدة، إذ إن هناك العديد من المؤشرات العالمية والدراسات التي تبين وللأسف أن واقعنا التعليمي غارق في مشكلاته نتيجة ما أحدثه الإرهاب الذي أراد تجهيل أولادنا من خلال تدميره الممنهج للبنى التحتية للمدارس والجامعات، واقع أليم وعلينا أن نكون جريئين في الاعتراف بحقيقة تدني مستوى التعليم فالأرقام التي يتم تداولها لا تكذب، ولا تتموه.
طبعاً هناك من الدلائل الواضحة التي نراها في حياتنا اليومية يمكن أن تؤكد صحة هذه المؤشرات، مثلاً أعداد الطلاب الهائلة في الصف الواحد، التسيب المدرسي، الغش الممنهج في الامتحانات، سوية الحالة المادية والمعنوية المتدنية للمعلمين، الضعف التكنولوجي وغيرها الكثير من المسائل. ومن نتيجة هذا التردي نلحظ الهجمة غير المسبوقة على المدارس الخاصة، إضافة للاعتماد على الدروس الخصوصية التي أصبحت ثقافة أسروية لسد التراجع التعليمي.
مرة أخرى لنكن جريئين ونقول للمؤتمرين أن يعيدوا قراءة مؤشر دافوس بواقعية خاصة بعد أن تجاوزنا الأزمة بفضل تضحيات بواسل جيشنا العربي السوري، وأن نقول صراحة إن هناك ضرورة قصوى لا تقبل التأجيل لمراجعة نظامنا التعليمي، فالتعليم والعلم بالنسبة للمجتمعات هو أساس التقدم الحضاري وهذه بديهية، ولا يأتي العلم بدون التعليم الذي هو المحرّك الأساسي لتطور أي أمة.
asmaeel001@yahoo.com
اسماعيل جرادات
التاريخ: الاثنين 23-9-2019
الرقم: 17081