محاولات فصل الفكر عن وظائفه التربوية والثقافية والوطنية مهدت لظهور كتّاب إذا صحت تسميتهم بكتاب، ينعون من خارج البلاد كل الأوطان، متفاخرين بديمقراطيتهم التي وجدوها في أحضان أميركا وأوروبا..
معارضون مثقفون ديمقراطيتهم تُعنى بالجنس ونقائص الأسرة والتمرّد دون أي مشروع سياسي…. المعارضة الثقافية تلك تلقى صداها عند المؤسسات الصهيونية بجوائزها التي وضعت معايير لكتابها وكلها تصب في البعد عن الهموم الوطنية والصراع العربي الصهيوني..
منذ أن انتفت علاقة الفن بالمسائل الوطنية والاجتماعية غابت قامات ثقافية وفكرية وإعلامية، وبدأ التلميع لشخصيات ادعت المعاناة من الاستبداد السلطوي وأطلقت على نفسها النخبة الثقافية.. بات الانصراف نحو الأهواء الفردية والتبعات الثقافية السياسية خطراً يهدد مؤسساتنا الثقافية وقاماتنا الذين أصبحت الحاجة ملحة لتعبيرهم الحر في هذا الزمن الصعب، فقضية هزّ الثوابت الفكرية في وجدان الشعوب قضية ممنهجة وتتكرر في كل زمن ومع كل اعتداء وحرب واستباحة لحريات وسيادة الأوطان، وهدفها لن يتبدل أو يتغير في صياغة نخبة شرق أوسطية تعتمد إلغاء أي علاقة للفن في المسائل الوطنية والاجتماعية تحت مسمى تحرير المثقف.. هذا المثقف الذي يبحث عن حريته في حضن الغرب وأميركا يبدأ معهم بسلخ الصورة والكلمة عن هدفها ويبقى رهن رضا من يدينون له بدولاراتهم فتأتي لغة الديمقراطية لديه لغة مغلفة بالأوصياء والبطش والعقوبات وتسريب السلاح ومنع الحوار والتعاقد مع كل منظمات الإرهاب، في حالة تغييب تام لكل حقيقة..
حالة هذا المثقف يرثى لها لأن ديمقراطية أوروبا وأميركا ستبقى تحاكم من يبحث في الهولوكوست وتلاحق من ينتقد الصهيونية، فتخيلوا حجم حماقة المثقف الحرّ في جلب مزيد من الخراب والدمار لبلداننا ومجتمعاتنا باسم الديمقراطية..
هناء دويري
التاريخ: الجمعة 27-9-2019
الرقم: 17085