لم يعرف التاريخ المعاصر حدثاً حفر مجراه عميقاً كما حرب تشرين التحريرية التي خاضها الجيش العربي السوري، ومعه الجيش المصري، ليس من باب الإنشاء والمديح واستعادة الذكرى نقول ذلك، لا، فالأمر واضح وجلي ويمكن بكل ثقة واطمئنان أن نقرر أن ما يجري اليوم ومنذ حرب تشرين حتى الآن لم يكن إلا تحولات عميقة فرضها النصر الاستراتيجي الذي حققه الرب بقيادة سورية، لأنه تحول في التفكير والرؤى والقدرة على استنهاض الهمم، واستعادة روح المبادرة بإرادة لا تلين.
هذا الحدث المفصلي العظيم قرأه الغرب قراءة جيدة ومعمقة، وكان أن انشغلت مراكز الدراسات والاستخبارات العالمية بالعمل على تفكيك فاعليه وعلى مدى زمني طويل، عشرات الخطط والرؤى الاستراتيجية وضعوها للانتقام وتفكيك المقدرات العربية التي تضافرت فيها العبقرية والقدرة على المبادرة ومن ثم توفر الإمكانات التي تتيح لهذا المارد أن ينهض ويستعيد أرضه ويحررها ويحبط المؤامرات التي تحاك ضده.
فكان أن بدأ العدو متمثلاً بالغرب ومعه الولايات المتحدة العمل على تفكيك هذه القدرات وضربها قبل أن تكبر تنمو، بدءاً من انحراف السادات عن الخط الذي اتفق عليه مع سورية وصولاً إلى انهزاميته وارتمائه بأحضان العدو الصهيوني، وما تلا ذلك من تبعات كبرى.
ومن يظن أن الحرب العدوانية التي تشن على سورية اليوم هي خارج هذا الفعل التآمري، لهو واهم ومخطئ، إنها الحرب العدوانية التي تنفذ الشق العملي من خطط التآمر على النصر والإرادة العربية المتجسدة بالإرادة السورية، تشرين ونصره ليس فعلاً ماضياً، المضارع الباقي المتجذر، ومن يخض أشرس المعارك في كل بقعة سورية اليوم، إنما يكمل المشوار، ولن يهدأ البال حتى تحرر الأرض كاملة، وهذا أيضاً ليس فعل إنشاء إنما هو الحقيقة التي نراها على أرض الواقع، وإن غداً لناظره لقريب..
ديب علي حسن
التاريخ: الأحد 6-10-2019
الرقم: 17091