فقاعات كلامية..!

 

كرّر رأس النظام التركي رجب أردوغان تهديداته بتنفيذ عملية عسكرية في منطقة الجزيرة السورية ضد المليشيات الكردية العميلة لواشنطن متذرعاً بالخطر الإرهابي الذي تشكّله هذه المليشيات عند الحدود الجنوبية لبلاده، وهو تاسع أو عاشر تهديد يطلقه خلال السنوات الماضية، في تعبير صريح عن أزمة يعانيها هذا الرجل نتيجة ظروف داخلية وخارجية.
ومن الواضح هنا أن مفاوضات الحليفين الأميركي والتركي حول إقامة ما يسمى «المنطقة الآمنة» التي يتذرّع بها أردوغان، تتضارب كلياً مع المصالح الاستعمارية التي تنطلق منها واشنطن لتدعيم وجودها غير الشرعي في سورية، ولا تؤمّن الحد الأدنى من أطماع أردوغان الخاصة، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن يدخل الطرفان في صراع يتطوّر إلى مواجهة مباشرة على الأرض بين قواتهما، ولكن من الممكن أن تجري «مناوشات» عسكرية بين مرتزقة أردوغان في الفصائل الإرهابية مع مليشيات قسد الإرهابية لرسم حدود المنطقة المستهدفة بالنار، وذلك بضوء أخضر أميركي يساعد أردوغان على الخروج من ورطاته الداخلية والخارجية المتفاقمة، ويؤمّن استمرار بقاء نظامه تحت المظلة الأميركية، ضمن المشروع الأميركي الذي يستهدف المنطقة عموماً.
ليس سرّاً أن واشنطن قد تدخّلت في سورية ودعمت الإرهاب التكفيري خلال السنوات الماضية لأسباب معروفة، في مقدمتها حماية وتلبية المصالح والأطماع الإسرائيلية، زعزعة القوى المناوئة للمشاريع الأميركية في المنطقة وخاصة محور المقاومة، منع موسكو من الوصول إلى المياه الدافئة، وكذلك الرغبة في تفكيك المنطقة إلى كانتونات طائفية وعرقية وفق ما يؤمن قيام مشروعها الامبريالي الكبير لتقسيم الشرق الوسط.
الغريب أن أردوغان يعلم أبعاد هذا المخطط الأميركي وارتداداته على مصالح تركيا، لأنه يلعب بتوازنات المنطقة وخرائطها وفق منظور لا يخدم أحداً سوى تطلعات الكيان الصهيوني للهيمنة على المنطقة برمتها، ومع ذلك نراه يماطل في تنفيذ التزاماته للروس والإيرانيين بخصوص الحل في سورية رغم خطورة هذه المماطلة، ويبقي رهانه الخائب على واشنطن، وهو ما يثير شكوكاً كثيرة وجديدة حول مصداقيته، ويعطي انطباعاً بأن تهديداته مجرد فقاعات كلامية تستهدف الجبهة التركية المنقسمة على نفسها حول خيارات داخلية وخارجية.

عبد الحليم سعود
التاريخ: الاثنين 7-10-2019
الرقم: 17092

آخر الأخبار
بانة العابد تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال 2025   لبنانيون يشاركون في حملة " فجر القصير"  بحمص  ابتكارات طلابية تحاكي سوق العمل في معرض تقاني دمشق  الخارجية تدين زيارة نتنياهو للجنوب السوري وتعتبرها انتهاكاً للسيادة  مندوب سوريا من مجلس الأمن: إسرائيل تؤجج الأوضاع وتضرب السلم الأهلي  الرئيس الشرع يضع تحديات القطاع المصرفي على الطاولة نوح يلماز يتولى منصب سفير تركيا في دمشق لأول مرة منذ 13 عاماً  الجيش السوري.. تحديات التأسيس ومآلات الاندماج في المشهد العسكري بين الاستثمار والجيوبوليتيك: مستقبل سوريا بعد رفع العقوبات الأميركية الأولمبي بعد معسكر الأردن يتطلع لآسيا بثقة جنوب سوريا.. هل تتحول الدوريات الروسية إلى ضمانة أمنية؟ "ميتا" ساحة معركة رقمية استغلها "داعش" في حملة ممنهجة ضد سوريا 600 رأس غنم لدعم مربي الماشية في عندان وحيان بريف حلب من الرياض إلى واشنطن تحول دراماتيكي: كيف غيرت السعودية الموقف الأميركي من سوريا؟ مصفاة حمص إلى الفرقلس خلال 3 سنوات... مشروع بطاقة 150 ألف برميل يومياً غياب الخدمات والدعم يواجهان العائدين إلى القصير في حمص تأهيل شامل يعيد الحياة لسوق السمك في اللاذقية دمشق.. تحت ضوء الإشارة البانورامية الجديدة منحة النفط السعودية تشغل مصفاة بانياس لأكثر من شهر مذكرة تفاهم مع شركتين أميركيتين.. ملامح تحول في إنتاج الغاز