يُضَيَّق الحصار على سورية، ويستنزف غطاءها النقدي، في محاولة لزعزعة ثقة المواطن بدولته، وتعترف الحكومة الأميركية بذلك على أمل تحطيم الدولة السورية العاصية على سياستها؛ والانصياع لها، لأجل منح الاستقرار للكيان الصهيوني.
الفشل الذي تُمْنَى به السياسة الأميركية في منطقتنا الإقليمية، أسقط مشروعها في إسقاط الدولة السورية، ففي العراق لم يعد مرغوباً فيها من كل الأطياف، وهي غير قادرة على مواجهة إيران بل تخشى التحدث عن أي عمل عسكري ضدها.
كما أن الخضات التي تواجهها في العمق الأميركي، إن في إثارة التحقيق مع ترامب لإخراجه من ساحة الرئاسة، أو الاهتزاز الاقتصادي رغم كل مليارات الدولارات التي تحلبها من البترول السعودي، مقابل السلاح الموجه لتحطيم اليمن الصامد.
كل ذلك يجعلها كقنديل البحر الذي يعلق في دوامة أمواج، يزداد بشدة دورانها تناثر ذيفاناته، لترفع وتيرة الحصار على إيران مرة، وأخرى تلسع بها الاقتصاد السوري كلما يقترب الجيش العربي السوري من تنظيف إدلب، آخر البؤر الإرهابية الكبرى.
أوراق أميركا في الداخل والخارج تزداد اصفراراً مع قدوم الخريف، وتتساقط واحدة تلو الأخرى، ما يعيدها للبحث في دفاترها القديمة كالتاجر المفلس، وترامب خير من يجيد ذلك، فتعيد نشر فضيحة الحريري، علَّها تبتز السعودية للصمت عن ابنها المدلل
أو لربما هي الإسفين الثاني بعد حادثة الخاشقجي، الذي يدق علناً في تابوت العرش السعودي، فلم يعد من حاجة للبيت المالك الذي شارف دوره الوظيفي على الانتهاء، لعل البديل بدأ ينضج في المطبخ الأميركي، وهم يتأهبون لإسدال الستار عنه.
ترامب وإدارته المتصدعة، المتشظية بالاستقالات والإقالات التي لم يشهد لها البيت الأبيض مثيلاً منذ حكومة جورج واشنطن، يحاول ترسيخ رئاسته والذهاب لرئاسة ثانية مدفوعة الثمن من الملك السعودي وولي عهده، ومحاباته لتركيا الأطلسية.
هو يحاول إبراز قوته التي يعمل على تصديعها منافسوه؛ من النساء كلينتون وبيلوسي وكذا من يطرح نفسه من حزبه والأحزاب الأخرى، وهو ما زال يحاول كسب الناخب الأميركي بما يملأ به الخزانة الأميركية؛ من المال الخليجي والسعودي.
المال المهدور لأجل السلاح الذي يُقْتَل فيه أبناء الأمة، ويفرغها من قدراتها وإمكانياتها البشرية والمالية ويجعل ثرواتها عرضة للسرقة والنهب كما حدث في سورية والعراق، والنهب العلني دون استحياء للبترول الخليجي والسعودي.
مشكلة العرب أنهم لا يعتبرون ولا يستفيدون؛ لا مما يحدث لهم ولا من تجارب أو حروب الآخرين، وما يحوق بها من أحداث، من حيث إنه في كل محنة منحة، سنوات طويلة والحصار على إيران يرتفع منسوبه وبالإرادة أصبحت دولة نووية.
أصبحت في مصاف الدول المتقدمة علمياً والتنمية المستدامة، فهل يمكن أن تصحو الدول العربية ذات الأموال الطائلة، فتوظف أموالها لتنمية الوطن العربي، أسوة بالدرس الإيراني، فتنتهي البطالة، وتعمل مراكز الأبحاث بكامل طاقاتها، وتتقدم الأمة.
هل نتحول من دول تستجر السلاح لتضرب بعضها، فتتمزق الأمة العربية، إلى دول تتوجه للتكامل الاقتصادي والمعرفي، والعودة لتوجيه البوصلة نحو عدوها الأوحد الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين، عندها نكون أمة قوية، يتلاشى عدوها تلقائياً. شهناز فاكوش
التاريخ: الخميس 10- 10-2019
رقم العدد : 17095