الورود بعطرها الفواح عمرها قصير وفي شهر الربيع قضت وردة من ورداتي وغادرت المكان، ولكنه تفتح من جديد عطرا ورياحين بتراب الوطن الغالي، وعدني بعد غياب طويل أن يحضر في عيد الأم وكان للوعد وفيا فعاد عودة الأبطال الميامين ملفوفا بعلم الوطن الغالي محمولا على اكف رفاق السلاح ، أهداني وأمه سورية هدية غالية لا ترقى إليها هدية إنها الشهادة ، فعطر بدمه الطاهر تربة الوطن فاخضرت السنابل وتفتحت الأزهار.
هكذا كان مبتدأ الحديث لوالدة الشهيد البطل الملازم شرف مهند جهاد مراد السيدة المؤمنة الصابرة نهى مراد ، لتضيف كل دمعة أم شهيد في بلادي تروي وردة لتزهر في تراب سوريتنا الغالية على كل الشرفاء، وأردفت قائلة: لان الأمانة وضعت بأيد أمينة ولان الوطن يسكن في قلوب أبنائه الشرفاء المخلصين له، حمل ابني الشهيد مهند روحه على كفه عندما سمع صوت الوطن يناديه فتألق حب الوطن في قلبه حباً صادقاً وقدم أغلى ما يملك من اجل عزته وكرامته ،فكان مثالا للرجولة والشجاعة والبطولة لا يهاب الموت ولا يعرف الذل والخنوع ..
لم يترك معركة من معارك العزة والشموخ ضد أعداء الله والبشرية من المجموعات الإرهابية المسلحة إلا وخاضها، فمن عدرا إلى حرستا إلى القدم تنقل الفارس ممتشقا سيف الحق أصيب أكثر من مرة ولكن إصاباته لم تمنعه من مواصلة الكفاح من اجل وطن الهوية والانتماء، اقترب من الشهادة أكثر من مرة إلى أن تحقق له هذا الشرف العظيم على يد الإثم والعدوان والحاقدين المجرمين الذين لا يعرفون سوى ثقافة القتل والتخريب والتدمير، ودعناه بأكاليل الورد والرياحين وزففته كما يزف العرسان في يوم عرسهم بالزغاريد وبحبات الأرز المنشورة والمعجونة بتراب هذا الوطن. وختمت والدة الشهيد: مهما تحدثت عن خصال ومناقب وسجايا الشهيد مهند لن استطيع إعطاء حقه من الإجلال والتمجيد. فإذا ما تحدثنا عن الكرم فكرم الشهيد لا يوازيه كرم ، وإذا ما تحدثنا عن النبل فنبله لا يرقى إليه نبل.
نستمد معاني القوة
وإذا ما تحدثنا عن التضحية فتضحيته لا تساويها تضحية ، رحم الله الشهيد وجميع شهداء الوطن وجعل مثواهم الجنة فهم الخالدون ابد الدهر في الذاكرة والقلوب، وللآباء قولهم في حضرة الشهيد والشهادة ،الآباء الذين نستمد من نظرات عيونهم وعنفوانهم معاني القوة والإرادة والتصميم والصبر، وندرك أن وطنا فيه أمثالهم لا خوف عليه مهما اشتدت المحن ومهما عظمت المؤامرات وهكذا هو السيد جهاد مراد والد الشهيد مهند الذي أكد أن ولده الشهيد مهند واحد من فرسان جيشنا الباسل عشق الوطن وتصدى بكل بسالة واقتدار وشجاعة للمجموعات الإرهابية المسلحة ، فكان في ساحات الوغى جبلا من جبل العرب الأشم لا يعرف الذل والهزيمة ولا يخاف الموت وقدم أغلى ما يملك من اجل الوطن، وكان محبا لجميع الناس لم يعرف الحقد إلى قلبه سبيلا، وأنا لم استغرب استشهاده لأنه كان يمتلك من الشجاعة والرجولة والبطولة وحب الوطن ما أهله لنيل هذا الشرف العظيم شرف الشهادة التي هي بالنسبة لنا عز وفخار وكبرياء فشق طريقة نحو المجد الذي لا ينتهي فسكن في عالم الأبدية وخلود الكبرياء.
شقيق الشهيد قيس مراد قال: الشهيد مهند خدم وطنه بشرف وإخلاص فاستحق أن يسجل اسمه في سجل الخالدين,علمنا دروسا في التضحية والفداء وحب الوطن وكان مقداما شجاعا لا يهاب الموت اجتمعت في شخصيته كل الصفات والمزايا الحميدة وكان يضع الشهادة نصب عينيه ويقول لنا إن الوطن قدم لنا الكثير ويستحق أن نرد له الجميل ببذل الأرواح ليبقى مصانا وكريما ,طلب الشهادة وكان له ما أراد واستشهاده وسام شرف نعلقه على صدورنا.
مروى مراد شقيقة الشهيد أكدت أن مهند كان أخا عطوفا وحنونا وسندا لها وأنها تعتز وتفتخر به وترفع رأسها عاليا باستشهاده. و صحيح انه ترك فراغا كبيرا في حياتنا لكن هذا الفراغ تملؤه شمائل أخلاقه الرفيعة وسجاياه الحميدة، وعزاؤنا انه سجل اسمه في سجل الخالدين.
يذكر أن الشهيد البطل الملازم شرف مهند جهاد مراد من مواليد مدينة شهبا في محافظة السويداء عام 1993عازب ، نال شرف الشهادة أثناء تأديته لواجبه الوطني في ريف دمشق بتاريخ 17/3/2018,رقي إلى رتبة ملازم شرف ومنح وسام الإخلاص من الدرجة الرابعة تقديرا لتضحياته في سبيل أمن الوطن وعزته واستقراره وسجل اسمه في سجل الخالدين.
رفيق الكفيري
التاريخ: الأربعاء 6 – 11-2019
رقم العدد : 17116