عندما يحصل اختناق بأي من المشتقات النفطية، أو يبدأ تقنين الكهرباء، ترتفع الأصوات بالانتقاد والاتهام بالتقصير والفساد وغياب الرؤية وعدم الجاهزية وغير ذلك من الاتهامات.
من حضر إلى موقع الانفجار الذي وقع في مصفاة بانياس أو شاهد حالة عامل الكهرباء الذي تعرّض لأشد أنواع الحروق في ريف دمشق لا بدّ أنه سيبحث عن عشرات الأعذار قبل أن ينتقد أداء هذه الجهات تحديد لأن بيئة العمل عالية المخاطر والتجهيزات قديمة جداً.
الصيانات في المصافي ومعامل الغاز ومحطات توليد الكهرباء والتحويل وصيانة خطوط التوتر العالي تتم بأسوأ الظروف لعدة أسباب: أولاً لا يُمكن إيقاف هذه المنشات لفترات طويلة نتيجة الحاجة المتزايدة والعجز في تلبية الطلب، ثانياً لا يمكن رصد الاعتمادات اللازمة لتأمين قطع الغيار المطلوبة، ثالثاً بسبب العقوبات القسرية أحادية الجانب لا يُمكن تأمين القطع التبديلية وغالبا تلجأ الجهات إلى البدائل المحلية.
تسع سنوات ولم تستطع تلك الجهات إجراء العمرات الكاملة للمنشآت النفطية والكهربائية، تسع سنوات من الصيانات القسرية، تسع سنوات من تسرب الكوادر والخبرات نتيجة الظروف الصعبة في العمل وظروف المعيشة الصعبة، بعد كل ذلك كيف لمنشآتنا أن تعمل بطاقتها؟ كيف لمجموعات الكهرباء أن تُنتج بأعلى الحمولات بعد أن تهالكت بالعمل المتواصل؟ كيف للمصافي أن تستمر بعملها الطبيعي بعد أن انتهى عمرها الافتراضي وتوقفت عشرات المرات لعدم وجود النفط؟
لا يشبه عمل كوادر قطاع الطاقة عمل الكوادر في القطاعات الأخرى لنواحي المخاطر والخبرات وما لم يتم تميزهم بالتعويضات فلن يبقى منهم أحد، وليس لأحد أن يشكك في وطنية من صمد تسع سنوات، من يرى وجوه العاملين في هذا القطاع بعد كل حادث يتعرّض له أحدهم يسأل كيف سيعملون في الغد!
أمر الواقع يحكم عمل قطاعي النفط والكهرباء ولن تنفع أي استراتيجية أو أي أمر آخر في أداء هذا القطاع ولن تنصفهم كل التعويضات ولكن كلمة طيبة يُمكن أن تبلسم جراحاتهم وتدفعهم للعمل بعد كل كارثة تحل بهم.
معد عيسى
التاريخ: الثلاثاء 12-11-2019
الرقم: 17120