لهيب الأسواق حرق كل شيء.. حرق الكروش.. حرق الأنفاس.. وحرق الطبخات والمطابخ.. وحرق اليابس.. وبقي الأخضر ينافس.. ينغص على المواطن حياته.. ومع اخضرار حياة من يتلاعبون بالأخضر.. تسودّ حياة المواطن الذي يحلم بيوم أبيض يرى فيه (الدولار) يحترق كدولاب سيارة يتدحرج نحو الهاوية.
ومع هذا اللهيب تحولت طقوس الطبخ والنفخ اليومية في معظم البيوت إلى أسبوعية.. وأصبحت الزوجات مرتاحة من عناء الوقوف اليومي الطويل في المطبخ.. لكنها ليست مرتاحة طبعاً من الوضع الضاغط على بيتها.. فهناك خوف على معدة ونفاد صبر الزوج الذي راح يبحث عن أكثر من فرصة عمل لضمان استمرارية طقوس (الطبخ اليومية).
حدثني أحدهم أن أحد الأزواج حلم أن دجاجة تقول لرفيقتها ماذا لو صار سعر الكيلو غرام من لحمنا 4800 أو 5200 ليرة كسعر الغنم والخراف والعجول.. فردت رفيقتها بسعادة هذا حلم حياتي.. وستطول أعمارنا ويسموننا (الدجاجات السعيدة).. أو سنكون محل منافسة في (السورية للتجارة) كاللحوم الأخرى وسنكون مثار نقاش حول تطبيق (البطاقة الذكية) على لحومنا لقطع الطريق على (الشقّيعة) ممن يسرقونها لتباع بـ 3000 ليرة زيادة عن سعرها في السوق..
وفي نهاية الحلم رأى المواطن أن مواطناً يقول لآخر.. لا داعي لتطبيق البطاقة الذكية على اللحوم الحمراء… فسواء أكانت عملية الشراء بـ (الذكية) أم (غير الذكية) فالنتيجة واحدة فلن أدفع 4800 أو 5200 ليرة ثمن كيلو غرام… فقط ستذكر ني بطاقتي الذكية كم كنت (غبياً) فيما لو غامرت واشتريت لمرة واحدة وانتهى راتبي قبل آخر الشهر.. أو ستذكرني أنه بإمكاني الشراء بواسطتها بالناقص كم ألف عن السوق.. وهذا سينغص عليَّ وربما يدفعني الحال لتأجيرها لمن بمقدورهم الشراء أو حتى للشقيعة.
الأفضل من تطبيق (الذكية) هو حلول عريضة يتم من بواباتها تخفيض أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء ووو.. سواء بتأسيس المداجن أو توفير المراعي وما شابه من حلول… ولن ننسى تخفيض البهلوان (الأخضر) الذي يتلاعب بأسواقنا وتثبت ذراعيه لشهور تطول… و(عيش يا درويش ليطلعلك جناح وتقطف عن الشجر تفاح)…
منهل ابراهيم
التاريخ: الأحد 1 – 12-2019
رقم العدد : 17135