حين يحضر «العامل الأجنبي» ويغيب االوجدان الوطني في سلوك المعارضة

أهم ما يميز حضور المجموعات التي تسمي نفسها (معارضات)، هو أن ذلك الحضور المتكرر على الطاولة السياسية كان دائماً يرتبط بحضور العامل الأجنبي، وهذا الحضور لم يكن على الطاولة فحسب، بل هو حضور في الاستراتيجية يفرض وجوده على آجندة أولئك الأشخاص وعلى مواقفهم وتصريحاتهم، إلى درجة أنه عندما يتكلم أحد منهم تشعر تلقائياً أن الذي يتكلم هو طرف خارجي وتحديداً هو طرف عدو للشعب السوري.
هذا الأمر كان ظاهراً وملاحظاً جداً طيلة الاجتماعات وجلسات الحوار السابقة التي جرت مع أولئك الأشخاص بغض النظر عن التسميات والعناوين التي جاؤوا تحتها، وهذا بطبيعة الحال يعود إلى أسباب تلتقي جميعها عند تورم الطموحات والأحلام السلطوية عند هؤلاء الأشخاص، تلك الأحلام السلطوية التي التقت مع فائض النهم الاستعماري والاحتلالي عند أطراف الإرهاب بغية السيطرة على شعوب ودول المنطقة للقبض على قرارها وإرادتها من أجل نهب ثرواتها وخيراتها بعد تدميرها وتفتيتها والعودة بها الى عصور ما قبل الحضارة.
من أبرز تلك الأسباب التي جعلت من حضور العامل الأجنبي أمراً ثابتاً ودائماً على أولويات آجندة تلك (المعارضات) التي باتت بحكم الترابط العضوي والوظيفي مع الأنظمة والدول المعادية للشعب السوري، تمثله وتنطق باسمه وتجهد لتحقيق طموحاته وأهدافه ( مع ملاحظة أن ذلك الحضور أضحى إجبارياً لا اختيارياً أي لا يخضع لإرادة أولئك الأشخاص )، من أبرز تلك الأسباب ..هو انغماسها المفرط في تنفيذ آجندة أسيادها إلى حدود الإدمان القاتل وذلك يعود ليقينها المطلق بعدم امكاناتها الفكرية والوطنية وبالتالي استحالة وصولها الى السلطة إلا عبر الدعم والتآمر مع أعداء الوطن، ولعل هذا ما يفسر سبب رفض تلك المجموعات الدائم والمتكرر لكل الثوابت والركائز الوطنية كما حصل في اجتماعات جنيف مؤخراً.
هذا بالإضافة إلى أن العامل الأجنبي، وخاصة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني والنظام التركي، كانوا بارعين في استغلال ذلك الطموح المتورم عند تلك الأطراف الحالمة بالوصول الى السلطة بأي شكل وبأي وسيلة حتى لو كان ذلك على حساب دماء السوريين ووحدة وكرامة وثوابت الوطن، حيث لطالما غذت واشنطن ذلك الطموح بشكل ممنهج ومنتظم، إلى الدرجة التي لم يعد فيها مسموحاً لتلك (المعارضات) العودة خطوة واحدة إلى الوراء لأنها باتت في مرمى الاستهداف المباشر من قبل واشنطن، لاسيما وأن الأخيرة لا تجد ضيراً في التخلي عن أدواتها ومرتزقتها عندما تشعر أنها باتت تشكل عبئاً ثقيلاً على سياساتها وإستراتيجيتها، ولعل الأمثلة كثيرة في هذا المجال، خاصة بعد أن فشلت وأخفقت تلك الأدوات في محاور ومفاصل كثيرة في تحقيق المطلوب منها لجهة قلب المعادلات وتغيير قواعد الاشتباك.
في نهاية المطاف فإن تلك المجموعات التي تحاول أن تلبس قناع العمل السياسي تحت مسمى (معارضات ) من أجل أن تخفي وجهها الحقيقي البشع، ليست إلا الجزء الآخر من التنظيمات والمجموعات الإرهابية على الأرض، لذلك من الطبيعي أن تكون جزءاً لا يتجزأ من العامل الأجنبي الذي يعتبرها أداة له في الميدان العسكري والسياسي، وهذا يعتبر أحد أهم الأسباب التي من أجلها غاب الانتماء الوطني عند أولئك الأشخاص واستبدل بالانتماء المصلحي الذي لا يكون إلا عبر التعاون والتآمر مع الأطراف الأجنبية التي كانت رأس حربة في التدمير الممنهج للوطن بكل أشكاله وألوانه.
في حديث الانتماء الى الوطن تبرز عوامل ودوافع استعمارية وأجنبية كثيرة للنيل من هذا الانتماء الذي كان ولا يزال يشكل عقبة حقيقية في وصول دول الاستعمار والاحتلال إلى تحقيق غاياتها وأطماعها وأهدافها، وقد تتجدد تلك العوامل والدوافع وتتبدل من حيث الشدة و حجم و مستوى ونوع الاستهداف بحسب العوامل الزمنية والتاريخية والسياسية المرتبطة بها، وقد تنجح دول الاستعمار بالتأثير على بعض الأشخاص الذين ارتموا بأحضانها للغايات والأسباب التي ذكرناها آنفاً، لكنها بالتأكيد لم ولن تكون قادرة على نسف الشعور والانتماء الوطني عند الغالبية العظمى من الشعب السوري الذين لا يزالون في خندق المواجهة ضد أطراف الإرهاب ودول الاستعمار.
بالتأكيد أن أولئك الأشخاص (أمثال)المعارضات الخارجية (دمى الغرب.. وهذا نقوله بحزن وأسف شديد- لايزالون يحملون جنسية الوطن ويدعون أنهم يتكلمون باسمه، لكن الأهم أن يعرف أولئك أن الوطن ليس جنسية تكتب بحروف مخملية على جواز السفر ويوضع في حقائب اليد الفخمة، بل هو أكبر وأسمى من ذلك بكثير، هو انتماء ما قبل الولادة، انتماء الشرايين والمورثات والجينات، انتماء الفداء والدماء والتضحية على حدود الوطن بالروح والغالي و النفيس.

فؤاد الوادي
التاريخ: الجمعة 6-12-2019
الرقم: 17140

آخر الأخبار
زيارة الرئيس الشرع للبيت الأبيض.. تحوّل المسار السوري وتوازنه إقليمياً ودولياً تصريحات أميركية بعد اجتماع الشرع مع ترامب بعد دقائق من دخول الشرع إلى "البيت الأبيض".. الخزانة الأميركية تصدر قراراً مهماً  مركز للتصوير بالأمواج فوق الصوتية في مركز الأورام بمستشفى اللاذقية الجامعي  الرئيس الشرع يصل "البيت الأبيض" ويبدأ محادثاته بجلسة مغلقة إعادة تأهيل 320 مدرسة في إدلب زيارة الرئيس الشرع لـ"البيت الأبيض".. ماذا تريد واشنطن من لقاء دمشق؟ بعد 116 يوماً على اختطافه.. الدفاع المدني يجدد مطالبته بالإفراج عن حمزة العمارين سوريا تطرق أبواب "التحالف الدولي".. هذه أبرز الانعكاسات على الخرائط السياسية والعسكرية   ثلاث مشاجرات وحالة إغماء.. حصيلة يوم في "كهرباء حمص"..!  30 ألف مستفيد سنوياً من خدمات مركز الإعاقة ومصابي الحرب وفد سويسري – ألماني يضع ملامح تطوير التعليم المهني في دمشق أجندة ترامب الشرق أوسطية.. لماذا زار الشرع واشنطن قبل صفقة بن سلمان الكبرى؟ بسلاح الحجة والعقلانية.. الرئيس الشرع يفرض الحوار من أجل إلغاء قانون "قيصر" خلال أقل من عام.. كيف أوصل الشيباني سوريا إلى مكاتب "البيت الأبيض"؟ "رويترز".. هل باتت الوكالة البريطانية الوسيلة الأخيرة لترويج تنظيم "داعش" في سوريا؟ ماذا تعني الاتفاقية الأمنية الجديدة بين سوريا وإسرائيل؟ لماذا يترقب لبنان نتائج زيارة الرئيس الشرع إلى "البيت الأبيض"؟ "تجارة حلب" تبحث تحديات قطاع المواد الكيماوية للأدوية ومواد التجميل بعد ارتفاع تعرفة الكهرباء.. المنتج المحلي عاجز عن منافسة المستورد