الظروف الاقتصادية والمعيشية وما يرافقها من حصار اقتصادي جائر يفرض على واضعي السياسات الاقتصادية التعاطي بآلية عمل وتفكير مختلفة عما كانت عليه خلال السنوات الماضية تنعكس بصورة حقيقية على المواطن بعيداً عن الخطط والاستراتيجيات التي بقي أغلبها حبراً على ورق وفي الأدراج.
إذاً المطلوب تغيير نمطية العمل من خلال قرارات اقتصادية تتسم بالحكمة وتكون قادرة على الوصول لنتائج صحيحة، هذا الكلام لا ينفي أيضاً وجود الكثير من القرارات الاقتصادية المهمة التي صدرت سابقاً لكن المشكلة كانت في إفراغها من محتواها نتيجة عدم القدرة على المتابعة والتنفيذ.
وهنا نسأل ما القرارات الاقتصادية الواجب اتخاذها خلال المرحلة الراهنة والمستقبلية؟ وهل نحتاج لخطط محددة بفترة زمنية معينة أم إن طبيعة الظروف الراهنة والمقبلة تستدعي العمل بخطط إسعافية سريعة تلبي على الأقل المتطلبات المعيشية التي باتت في دائرة الخطر.
قد يقول أحدهم إن القرارات الاقتصادية للمرحلة القادمة يجب أن تكون استكمالاً للقرارات السابقة، وأهمها ما يتعلق بالعملية الإنتاجية التي تعول عليها الحكومة لتحسين الوضع المعيشي للمواطن.
لذلك فإن من أهم القرارات التي يجب أن تعمل عليها الحكومة وضع سلم للأولويات والقطاعات المستهدفة التي تحقق قيمة مضافة لكن ذلك يحتاج من صانع القرار الاقتصادي فهماً واضحاً ودراية لجدوى أي قرار ومن هو المستفيد منه وإمكانية تطبيقه مع مشاركة المستويات الإدارية الدنيا بالقرار كونها هي من سينفذ القرار بمعنى تشاركية على مختلف المستويات بما يلبي المصلحة الوطنية بالدرجة الأولى لا العودة إلى مرحلة الصفر.
المتابع لمجمل القرارات الاقتصادية خلال سنوات الحرب ولوقت ليس بالبعيد يرى أن البعض منها جاءت تجريبية ومرتجلة لذلك كانت انعكاساتها سلبية على المواطن وعلى الوضع الاقتصادي الراهن ولم تحقق الهدف الذي رسمت لأجله.
أهمية إطلاق العملية الإنتاجية كأول القرارات الاقتصادية للمرحلة القادمة مع تأمين مستلزماتها يجب ألا يكون مجرد شعارات وتكبير حجر، وهذا لن ينجح دون تحسين القدرة الشرائية للمواطن لتصريف ذلك الإنتاج، والأمر لا يقف هنا بل لا بد من مكافحة الترهل الإداري والفساد المالي التي تعاني منه بعض المفاصل وإعادة النظر بالهيكلية الإدارية لمؤسسات الدولة تماشياً مع المشروع الوطني للإصلاح الإداري الذي يعد أساس أي قرار مهما كان نوعه.
ميساء العلي
التاريخ: الأربعاء 18 – 12-2019
رقم العدد : 17149