لا يختلف اثنان على أن المصلحة العامة تعلو ولا يُعلى عليها، كما كلمة الحق تماماً، وهذا يقودنا جميعاً إلى القرارات الصادرة عن الجهات العامة في الدولة التي دائماً ما يكتفي مسطرها بسرد القوانين… التي تم على أساسها إصدار هذا القرار أو ذاك، وصولاً إلى عبارة (ووفقاً لمقتضيات المصلحة العامة) نقطة انتهى.
كل ذلك دون أن تأتي أي من تلك الجهات على ذكر الأسباب الحقيقية وراء إعفاء أو كف يد أو إنهاء تكليف أو إقالة هذا المدير العام أو ذاك أو أي من المديرين المركزيين أو الفرعيين أو..، وكأن في الأمر سراً لا تريد تلك الجهة البوح به، ولا يراد للمواطن الذي يتابع ملف مكافحة الفساد المالي والإداري خطوة بخطوة, الوقوف على حقيقة ما جرى مع كل من تمت إزاحتهم عن واجهة الوظيفة العامة للدولة وتعيين بدلاء عنهم، الأمر الذي يفتح (وما زال) المجال واسعاً أمام التوقعات والتكهنات والشائعات وسرد القصص ونسج الحكايات والروايات، عن الأسباب والدوافع والمبررات الحقيقية (التي لم يأتِ أحد على ذكرها في جميع القرارات الصادرة ومنذ عشرات السنين وحتى يومنا هذا) التي تقف وراء إبعاد هذا المسؤول أو ذاك سواء أكانت تتعلق بضعف الأداء المهني – التقصير – الإهمال – اختلاس مال عام – تسيب – فوضى – رشوة – هدر – ابتزاز – بلوغ سن التقاعد – العجز وحتى الوفاة، أو غيرها من الموجبات المباشرة التي دفعت المؤسسة أو الشركة أو الهيئة أو الوزارة أو الحكومة لاتخاذ قرارات تحييد السلف وتعيين الخلف.
هذه الأسباب مجتمعة كانت وما زالت نقطة خلاف ومثار أخذ ورد ولا سيما من قبل من سبق وإن تم الاستغناء عن خدماتهم العامة بشكل كامل، الذين دائماً ما ترى الأغلبية العظمى منهم يتمظهورن بلبوس الحملان الوديعة التي لا هم لها ولا اهتمام إلا الصالح والشأن العام، لا بل مصعوقون لا مندهشين أو مستغربين أو متفاجئين من قرار إبعادهم على الرغم من معرفتهم ويقينهم التامين أنهم يستحقون من العقاب أكثر بكثير من إعفائهم، وأن الدخان الذي تصاعد نتيجة أفعالهم وممارساتهم أقل من النار التي أحدثوها.
عامر ياغي
التاريخ: الاثنين 13-1-2020
الرقم: 17167