بالفعل كان رقماً مذهلاً ذلك الذي أعلنته السورية للمخابز مؤخراً، والمتمثّل بأن السوريين يهدرون يومياً ما لايقل عن /450/ طناً من الخبز، وذلك على أساس أنّ كل أسرة تهدر يومياً نحو رغيف ونصف كبقايا خبز، وهذا جمعاً يُشكّل نحو ثلاثة ملايين رغيف، وملايينُ الأرغفة هذه تُشكّل أيضاً حمولة /120/ قاطرة ومقطورة من الخبز المهدور يومياً..!!
وعلى الرغم من أن هدر رغيف ونصف يومياً كبقايا لكل أسرة يعني أن الهدر يصل إلى ضعف ما أتت عليه السورية للمخابز حسب آخر معطيات التعداد السكاني التقديري طبعاً، ولكن سنفترض أنّ الهدر يقتصر على ما أتت عليه، حيث أشارت إلى أنّ الدعم اليومي للخبز يصل إلى /1/ مليار ليرة، وذاك الهدر يصل إلى 15% من إنتاج الخبز، فهذا يعني أن الهدر اليومي يصل إلى /150/ مليون ليرة، والسنوي إلى /54/ ملياراً و /600/ مليون ليرة تذهب هباءً وهدراً بلا فائدة..!!
هذا ما لا يكاد يُصدّق فعلاً، إنه رقم مذهل لو استطعنا استثماره سنوياً لأمكننا القضاء على نسبة عالية من البطالة التي تخيّم على مئات آلاف الشباب اليوم، وتفتك بعقولهم ومستقبلهم، ولأمكننا أيضاً بعد عقدٍ من الزمان أو ربما أقل القضاء على البطالة كلياً.
السؤال الذي يهجم على الأذهان في مثل هذه الحالة ويدفعنا للتفكير – ولو افتراضياً – من خارج الصندوق حالياً، هو كيف يمكننا وقف هذا الهدر..؟ وكيف يمكننا استثمار قيمته وتعزيزها..؟
لن نأخذ بمقولة وقف الدعم عن الخبز والاصطفاف وراء الداعين إلى ذلك، ما دام الوضع المعيشي مثابر على هذا التردّي كله، ولكن دعونا نقول بأننا لو أوقفنا نصف الدعم، واكتفينا بنصف مليار ليرة يومياً، وصارت ربطة الخبز بمئة ليرة بدلاً من الخمسين، ووفّرت الدولة بذلك نحو /182/ مليار ليرة سورية سنوياً، أي في عشر سنوات نحو /910/ مليارات ليرة لانخفض الهدر وقتها إلى أدنى مستوياته – إن لم يتوقّف – ولتمكنت الدولة بدلاً من صرف هذه المليارات بلا مردود أن تمحي بها البطالة فعلياً لو منحتها على شكل قروضٍ ميسّرة للشباب التائه من بطالته.
علي محمود جديد
التاريخ: الاثنين 10-2-2020
الرقم: 17189