محنة الحرية

أتردد وأنا أخوض في هذا العنوان.. أخشى أن يقرأه أحد على أساس أن لا حرية في العالم.. وبشكل محدد منها حرية الإعلام..! وأن يستخدم ذلك لاعتبار كل إدارات العالم متساوية في موقفها من حرية الإعلام!! بما يشكل غطاءً لمواقف إدارات ودول تصل فيها حرية الإعلام إلى مستوى الانعدام شبه الكامل.
مثل ذلك يستخدم في الحديث حول قضية الفساد مثلاً أو الجريمة عموماً.. عبارة مثل «الفساد منتشر في كل بقاع الدنيا» تروق جيداً للفاسدين.. وكذا عن انتشار الجريمة.
في ذلك كله شيء من الحقيقة، لكنها حقيقة غير موضوعية.. لأنها تتجاوز نسبية الأمور وتسهل الاستنتاج، ولاسيما من المرتكبين وحماتهم.
ليس في الدنيا إعلام كامل الحرية.. وليس في الدنيا مجتمع خالٍ من الفساد أو الجريمة.. لكن موقف المجتمعات من هذا وذاك مختلف وأحياناً أو غالباً مختلف جداً.. وبالتالي إطلاق هذه العبارات والاعتبارات على عواهنها من شأنه أن يشكل غطاء مخادعاً لمرتكبي وأد الحرية.. أو الفساد والجريمة.
لذلك أرجو حصر الأمور وربطها بنسبيتها.. ولاسيما فيما يخص الإعلام.. فحرية الإعلام تتناسب طرداً مع مقدرة الإدارات والمجتمعات.. الدول المتقدمة تتمتع بـ «صولد» عالٍ يتيح لها منح نسبة عالية من الحرية… وتخضع قرارات السلطات للرقابة الحقيقية الحكومية والقضائية.. لكن القوى المتحكمة والمسيطرة فيها تفترس عند حاجتها كل مفهوم للحرية.
منذ نحو عشرة أيام اتخذت السلطات الأميركية قراراً يمنع هذا «المسكين» جون بولتون من طبع كتاب له كان قد ألفه.. اتخذ القرار بعد الأخذ والرد.. ثم انتصرت مصلحة الرأسمالية.. التي تمثلها السلطات الأميركية.. وحجب الكتاب.. هذا طعن أكيد بمبدأ حرية الإعلام التي تتغنى بها الرأسمالية.. ولا يظنها أحد أنها استثناء فريد.. أبداً.. ففي الولايات المتحدة وغيرها من دول الغرب الاستعماري وغيرها حيث التشدق بالحرية.. يمنع كثير من الكتب وتحجب آراء ويعاقب أصحاب نشر معلوماتي.
المثال الحي لمحنة الحرية تتمثل بمحنة الناشر «جوليان أسانج» مؤسس موقع ويكي ليكس.. الذي ما زالت تطارده الحرية الرأسمالية المزعومة.
لكن المحنة الحقيقية لحرية الإعلام تتمثل اليوم فعلياً بإعلام مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنيت!!
قدمت هذه الشبكة ومواقعها واتصالاتها ما يفوق الخيال من حرية إعلامية.. لكنها رغم السيل الجارف الذي تسيله في العالم بكثير من الحرية.. عليها أن تنضبط عند شروط مالكها.. عند الشروط الأميركية.. رغم ما تتمتع به من حرية.. وما فعله وواجهه جوليان أسانج وموقعه ويكيليكس مثال واضح وحي.
وما يلاحظ اليوم في إطار حرية شبكة الإنترنت الإعلامية.. أن الشروط والتقييدات تزداد يومياً.. ولمصلحة مالكي الشبكة وملحقاتها.. لمصلحة الولايات المتحدة الأميركية.
as.abboud@gmail.com

أسعد عبود
التاريخ: الخميس 13-2-2020
الرقم: 17192

آخر الأخبار
العلاقات السورية الروسية .. من الهمينة إلى الندية والشراكة  الصحة النفسية ركيزة الرفاه الإنساني  حملة "فسحة سلام" تختتم مرحلتها الأولى  بفيلم "إنفيكتوس"   قادمة من ميناء طرابلس..الباخرة "3 TuwIQ" تؤم  ميناء بانياس "الزراعة الذكية"  للتكيّف مع التغيرات المناخية والحفاظ على الثروات   "التربية والتعليم": مواءمة التعليم المهني مع متطلبات سوق العمل إجراءات خدمية لتحسين واقع الحياة في معرّة النعمان من قاعة التدريب إلى سوق العمل.. التكنولوجيا تصنع مستقبل الشباب البندورة حصدت الحصّة الأكبر من خسائر التنين في بانياس  دعم التعليم النوعي وتعزيز ثقافة الاهتمام بالطفولة سقطة "باشان" عرّت الهجري ونواياه.. عبد الله غسان: "المكون الدرزي" مكون وطني الأمم المتحدة تحذِّر من الترحيل القسري للاجئين السوريين الجمعة القادم.. انطلاق "تكسبو لاند" للتكنولوجيا والابتكار وزير العدل من بيروت: نحرز تقدماً في التوصل لاتفاقية التعاون القضائي مع لبنان "الطوارئ" تكثف جهودها لإزالة مخلفات الحرب والألغام أردوغان: اندماج "قسد" بأقرب وقت سيُسرّع خطوات التنمية في سوريا "قصة نجاح".. هكذا أصبح العالم ينظر إلى سوريا علي التيناوي: الألغام قيد يعرقل عودة الحياة الطبيعية للسوريين مدير حماية المستهلك: تدوين السعر مرتبط بالتحول نحو مراقبة السوق الرابطة السورية لحقوق اللاجئين: مخلفات الحرب تعيق التعافي