لطالما كان الرقم الإحصائي الدقيق شبه غائب عن الإجراءات والخطط التي توضع في مختلف المجالات حتى إن هناك شكوكاً كثيرة حول صحة الأرقام التي نسمع بها أو التي تزودنا بها الجهات المتخصصة في هذا المجال أو تلك التي تعمل من خارج البلاد والتي تدس السم بالعسل وغالباً ما تكون أرقامها مبالغاً بها أو حتى غير دقيقة ولا صحيحة.
اتخاذ القرارات المهمة اليوم والمتعلقة بادارة التنمية وتأمين المواد الأساسية في ظل ظروف الحرب والحصار الخانق على سورية لا يمكن أن تتم في غياب الرقم الإحصائي الدقيق والواقعي وإلا فلن نصل للنتائج المرجوة والمحاولات الفاشلة لا طاقة لنا على احتمالها، وهنا ثمة دور كبير منتظر من المكتب المركزي للإحصاء كونه جهة تتمتع بالمصداقية.
علينا أن نتقبل إحصاءات ودراسات المركز حتى ولو أشارت إلى وجود خلل لدى جهة ولو دلت إلى واقع مرير، فالتشخيص الصحيح هو البداية الحقيقية للعلاج وتلافي الخطأ، فالكل يتذكر عندما نشرت وسائل الإعلام دراسة عن المكتب المركزي للإحصاء حول الحاجة الشهرية للأسرة السورية للانفاق على المعيشة، فقامت الدنيا ولم تقعد.
استوفتني معلومة خرجت عن ورشة العمل المخصصة لمناقشة المؤشرات الإحصائية لقطاع الإسكان في سورية، والتي عقدت مؤخرا تمثلت في أن عدد المساكن على مستوى الجغرافيا السورية يتجاوز عدد الأسر بكثير. والسؤال هنا كيف نعاني من أزمة سكن في ظل هذه المعلومة..؟
المعلومة صحيحة ويستطيع تأكيدها كل متابع لواقع السكن والعقارات في سورية، فالكثير من الأسر المملوءة مادياً تمتلك أكثر من عقار كما أن الكثير من أصحاب الأموال لجؤوا للمتاجرة بالعقارات، وهناك أيضاً عدد كبير من المغتربين السوريين الذين يمتلكون مساكن خاوية في بلدهم الأم.
هذا مثال واضح على أهمية المعلومات الإحصائية في اتخاذ القرار ومعالجة العقبات والمشاكل التي تواجهنا منذ زمن، وأصبحت اليوم أشد وأصعب وأكثر إلحاحاً وعليه فلا بد أن يعزز هذا التوجه ويدعم ويعمم.
باسل معلا
التاريخ: الجمعة 6-3-2020
الرقم: 17210