لم تكن جائحة كورونا في الجسد العالمي جائحة مرضية تهدد حياة البشرية ومستقبلها فحسب، بقدر ما هي كارثة سياسية وأخلاقية وقانونية ضربت بكل ثقلها رتابة المجتمع الدولي، المتهالك جراء السلوك الأميركي الذي يختصر كل موبقات الغرب الاستعمارية قديمها وحديثها.
وبدلاً من تشجيع التعاون والتنسيق بين الدول التي تعاني من انتشار الفيروس الوبائي، والمنظمات الدولية التي تعمل في مكافحة هذا الوباء، وفي مقدمتها منظمة الصحة العالمية، راحت واشنطن تكيل الاتهامات لجميع الأطراف، دولاً ومنظمات، وتوجت هذه الحملة الدعائية بقطع التمويل عن المنظمة المختصة بالشؤون الصحية حول العالم، رغم كل الجهود الكبيرة التي تبذلها لمواجهة هذا الوباء والتصدي له.
وعلى الرغم من أن الصين واجهت فيروس كوفيد 19بمفردها، وحققت نتائج مذهلة في السيطرة عليه، ومن الممكن أن تستفيد من تجربتها العديد من الدول، وخاصة التي أصبحت بؤرة للوباء، وأولها الولايات المتحدة الأميركية نفسها وبعض الدول الأوروبية، إلا أنها بقيت في مرمى القصف الإعلامي والسياسي للرئيس الأميركي دونالد ترامب وأركان إدارته وأتباعه الأوروبيين، مع العلم أن السلطات الصينية قامت منذ البدء بإجراءاتها الصحية والاحترازية، وتعاملت بشفافية مع حيثيات هذا المرض، واستثمر ترامب منبر كورونا اليومي بشكل رخيص لدعايته السياسية في مواجهة خصومه السياسيين في الانتخابات الرئاسية القادمة.
ولا تخرج ازدواجية المعايير التي يعتمدها الأميركي وأدواته في أوروبا والمنطقة تجاه سورية عما ذكرناه سالفاّ، بل هي جزء أساسي من سياساتهم الاجرامية بحق الشعوب الحرة التي ترفض هيمنة المعتدي وتأبى الخنوع له.
وبالرغم من أن الدولة السورية تحارب الإرهاب الداعشي ومن يدور في فلكه نيابة عن العالم، منذ أكثر من تسع سنوات، في ظل عقوبات اقتصادية أحادية الجانب تفرضها منظومة العدوان وتقف اليوم عائقاً أمام تصدي سورية للفيروس، إلا أنها تواجهه بإمكانيات محدودة في ظل تلك العقوبات الجائرة، الأمر الذي يتطلب تشجيع الأصوات التي أصبحنا نسمعها مؤخراً من بعض المنظمات الحقوقية والشخصيات الدولية، والتي تطالب برفع هذه الإجراءات القسرية فوراً عن سورية وجميع الدول الأخرى التي تواجه مثل هذه الاجراءات.
نافذة على حدث- راغب العطيه