عندما تتجه الحكومة لاعتماد برامج ومشاريع كبيرة وحضارية في ظل ظروف وأوضاع صعبة من حصار اقتصادي واستمرار الحرب المفروضة على البلد، وليس انتهاء بالتصدي لتداعيات ومخاطر فيروس كورونا فهذا دون شك خطوة تسجل لها وتترجم واقعياً من خلالها شعارها الذي تنادي به دائماً بأن المحرك والبوصلة لأي توجه أو عمل لها هو المواطن .
والتطبيق العملي المباشر لمجمل الخدمات المقدمة يعطي مؤشراً أن تحضيرات ودراسات كثيرة سبقت التنفيذ العملي ستحد قدر الإمكان من الثغرات ومكامن الضعف التي يمكن أن تقلل من قيمة وهدف المشروع، والأهم وصوله بسلاسة للمستفيد منه الذي يفترض أن يكون تقبله ورضاه عن الخدمة هو المعيار الأول لمدى نجاح التجربة أو فشلها أو لنقل عدم اكتمالها .
ولعل النموذج الأكثر حضوراً بهذا السياق هو البطاقة الذكية لتوزيع عدد من المواد الأساسية، وهي خيار توجهت له الحكومة وفي بالها تحقيق العديد من الأهداف في مقدمها توجيه الدعم الحاصل لتلك المواد لمستحقيه والتخفيف من الهدر والفساد الكبيرين الذي كان وما يزال يرافق عمليات توزيع هذه المواد و بالمحصلة خدمة الناس .
بالتجربة العملية لتطبيق البطاقة الذكية على الأرض فإن علامات الاستفهام وعدم الرضا لا تزال هي سيدة الموقف تجاه الكثير من الثغرات التي ظهرت جلية وأفقدت هدف البطاقة الحقيقي والهام من مضمونه بعضها مبرر كقلة توريد المواد الموزعة عبر البطاقة جراء العقوبات الاقتصادية، وبعضها الكثير مرده افتقاد الأدوات والآليات الواضحة في التنفيذ التي يفترض أن يكون صاحب القرار أخذ بها قبل تنفيذ مشروعه بما يجنبه اتهامات وانتقادات عديدة استمرارها خير دليل على عدم امتلاك مفاتيح العمل .
ما تقدم يمكن استحضاره بقوة في مشروع جديد وهام وحضاري أطلقته الحكومة وتمثل في تقديم خدمات الدفع الالكتروني للفواتير والرسوم للعموم مع ثلاث شركات عامة مصدرة لها، هي الكهرباء والاتصالات والنقل من خلال مصرفين خاصين مشترطة وجود حساب شخصي في البنكين لاستخدام هذه الخدمات للعموم كما أعلن .
ولأن المكتوب ظاهر من عنوانه كما يقال فإن هدف إيصال الخدمة للعموم سيواجه عقبات كثيرة، أولها أن غالبية هذا العموم لا يملك حسابات في البنكين المختارين مع غياب المصارف العامة عن تقديم الخدمة، ما يعني بالمحصلة أن الأرضية الصلبة والانطلاقة الواثقة لأي من تلك المشاريع التي لا نختلف على أهميتها وحاجتنا لها لم تتوفر ثم يأتي من يسأل مستغرباً عن استمرار انتقاد وتذمر المواطن!! .
الكنز- هناء ديب