هو الإنسان السوري الذي زرع وصنع وأبدع وأنتج حضارات للعالم، ها هو اليوم يجدد حضوره بقوة رغم صعوبة الظروف وعدم توفر الإمكانات اللازمة، ويقدم للإنسانية ما هو مفيد وما هو ضروري لاستمرار الحياة..
ولعل في تجربة إنتاج جهاز تنفس محلي 100% من حيث المكونات والفكرة والتصميم و..، ما يثبت براعة الإنسان السوري وقدرته على التجدد والابتكار في أصعب الظروف وأكثرها ضيقاً، فخلال 15 يوماً خرج إلى النور منتج سوري متطور لجهاز التنفس الاصطناعي صالح للاستخدام في المستشفيات والمراكز الطبية، ويحقق معظم المعايير العالمية، دون أن يكون تقليداً لأي أجهزة أجنبية..
هو إنجاز أنعش الأمل في النفوس وبث الطمأنينة بإمكانية توفر أجهزة ضرورية للإنسان لمواجهة جائحة (كورونا) صممتها العقول السورية وصنعت بأياد سورية أيضاً بالإمكانيات المتوافرة محلياً..
ومن جهة أخرى فإن هذا الإنجاز الوطني المهم يستدعي إعادة التفكير بطريقة التعامل مع الطاقات السورية المبدعة والتي لطالما قدمت الكثير من الأفكار والاختراعات العلمية التي يمكن أن تحل محل المستورد سواء من الأجهزة أو الابتكارات العلمية أو الأدوات الصناعية أو غيرها في مختلف مجالات الحياة، وضرورة تقديم الدعم والاهتمام اللازمين للإنسان السوري لاستثمار إمكانياته وإطلاق طاقاته العلمية والطبية والمهنية والفكرية..
إن توفير بيئة صالحة وداعمة للإبداع والتطوير وإطلاق المهارات والأفكار البناءة، من شأنه أن يوسع طيف الاستفادة من الكم الهائل من الطاقات الوطنية المحلية في الارتقاء بمختلف مجالات العمل والإنتاج وتوطينه، بما يحقق الأهداف التي لطالما سمعنا عنها، ومنها مبدأ الاعتماد على الذات، فنحن اليوم أحوج ما نكون لكل طاقة وإبداع سوري لمواجهة التحديات التي تواجهها بلادنا من حرب عدوانية وحصار اقتصادي جائر، لنتمكن من الصمود والانتصار على كل الصعوبات، وقد أثبتت الوقائع التاريخية أن الانتصارات لم تتحقق إلا على يد أبناء البلاد التي واجهت تحديات وهذا ما يجب أن نراهن عليه اليوم..
حديث الناس- محمود ديبو