ثورة أون لاين- سمر رقية:
في زمن الكورونا زمن الخوف على الصحة والروح، والخوف من فقد الأحبة والغياب الأبدي لهم، من هذا الغازي الجديد الذي غزا الأرض من أقصاها لأقصاها ودخلها عنوة دون سفارات ودون جوازات سفر وحتى دون إشارات خروج، والمذهل في الأمر كله أنه لا يرى بالعين المجردة لشدة صغره، لا يرحم لا كبير ولا صغير لا غني ولا فقير لا قوي ولا ضعيف المهم عنده المزيد من الضحايا، من أين لا يهم المهم ضحايا وكأنه قصاص من يراه يقاصصه.
فعل العجب العجاب أغلق المدارس والجامعات وأغلق المعامل والمصانع وحول المدن المكتظة إلى مدن أشباح، أقعد الغالبية العظمى من البشر في بيوتهم دون أن يتجرأ أحد ويسأله عن الغاية من فعلته هذه.
بل سل خنجره من غمده وغرسه عميقا في صدور الفقراء الذين تخلوا عن دخلهم اليومي خوفا على صحتهم وتطبيقا لإجراءات الحجر الصحي الذي فرضته الحكومة، وباتوا بحق جياع وتمنعهم عزة نفسهم من ذل السؤال رغم أنهم بأمس الحاجة لمواد في غاية البساطة لاستكمال يومهم المعيشي، فلم يترك لهم عنتر هذا الزمان ( كورونا) وسيلة لاستمرار حياتهم كما كانت قبل تشريفه، وما زاد فاقتهم وحاجتهم جنون الأسعار الذي بدأ بالعد التصاعدي بشكل صاروخي ولم تنفع التدخلات والمحاولات التي قامت بها الجهات المعنية لصد وباء ارتفاع الأسعار.
لا شيء ينفع للصد في وجه فلتان الضمير والأخلاق اذا ما فلتا من عقالهما ومن وراءهما تجار لا يعرفون معنى الرحمة والشفقة والرأفة بأخيهم الإنسان وسط هذه الظروف المؤلمة التي تمر بها البشرية جمعاء، وجعهم هذا يزداد يوما بعد يوم نتيجة الحجر المنزلي المفروض لصد هذا الوباء القاتل.
والذي يحز بالنفس ويشعرك بالحزن تجاه أخوك الإنسان في هذه الظروف الحرجة الفكرة من فعل الخير الدارجة هذه الأيام والمتمثلة بتوزيع سلل غذائية وبعض المبالغ النقدية، ما يحدث أنه في عدد لا بأس به من هذه السلل تذهب في الاتجاه المعاكس ولا تصل لمستحقها الفعلي حدث ذلك في ريف القدموس وفي عدة قرى وسبق وحدث تكرارا في سنوات أزمة الحرب أيضا، وأحيانا ترفع أسماء العوائل المحتاجة للمساعدة ولكن عند التوزيع تغيب أسماء وتظهر أسماء جديدة لماذا لا أحد يعرف السبب؟.
وفي الطرف الآخر في أول أزمة وباء الكورونا امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي صورا لمتبرعين مع الفقراء الذين هم بحاجة هذه المساعدة، فهل بعد نشر هذه الصور والتطبيل والتزمير هل بقي لفعل الخير معنى؟
فلماذا يتقصدون تجريد فعل الخير من كل معانيه وقيمه السامية؟ .
ولنكن منصفين نرى في الطرف الآخر أناس يقدمون مساعدات غذائية ومالية بصمت وبعيدا عن التصوير والتضخيم وبشكل مستمر منذ بدء أزمة الحرب الكونية على بلدنا وليس فقط في أزمات محددة وعابرة.
وأخيرا :
لكل فاعل خير أينما كان وممن كان نقول: بوركت في صحتك وأموالك وشعارك لأن ما يقدم بوقته يراه صاحب الحاجة يوازي جبال في وقت يسأل رب الأسرة من قبل أحد أفراد أسرته وخاصة أطفاله عن ماذا سيأكلون ويقف عاجزا حينها كم تساوي هذه الوقفة الإنسانية تجاه أخوه ا لإنسان عندها يتجلى فعل الخير بأبها صوره وقيمه النبيله ومعانيه الساميه وهنا يترجم قولا وفعلا .
وأبعد الله هذا الوباء وشره عن بلدنا بأقرب وقت ممكن لتعود الحياة كما كانت ولم يعد أحد محتاج لأحد إلا لمساعدة ورحمة الباري خالقه.